للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حراسة الأوطان]

ينبغي أن ندرك تمام الإدراك أن على كل واحد منا مسئولية عظيمة، وواجبات كريمة، شرفنا الله بها، وكلفنا فضلاً بها، فلنتمسك بما أوتينا، ونلتزم بما عهد إلينا، وأصرح بعد العموم قائلاً: إن واجب الناس في المجتمعات والأحياء أن يكونوا حراساً لمجتمعاتهم، وأسواقهم ومتاجرهم، وليعرفوا تمام المعرفة أن الأمة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ما من مجتمع يخلو من المتربصة والمرتزقة والدخلاء والعملاء، فلننتبه لوجود هذه الطائفة، ولنحرص تمام الحرص أن نكون عيوناً ساهرةً، وجنوداً باصرةً، لنعرف ماذا يدور في المجتمع تمام المعرفة.

واجب الشباب في كل حي من الأحياء أن يرتبوا أنفسهم، وأن يعرفوا عدد الشباب الموجودين في كل حي، بترتيب مع عمدتهم، أو إمام مسجدهم، ويعدوا أنفسهم وأسماءهم في قائمة، وأن يبلغوها لأقرب مركز من مراكز الشرطة، ويقولوا: هؤلاء الشباب بأرقام هواتفهم تحت طلبكم في أي لحظة، إضافةً إلى أنهم موجودون في الليل دوريةً راجلةً، أو سيارةً في الحي لكي يتتبعوا أي وجهٍ غريبٍ، أو حركةٍ عجيبةٍ، أو فعلٍ مشبوهٍ، أو تصرفاتٍ تثير العجب والدهشة، من واجب الشباب أن يهتموا بهذا تمام الاهتمام.

ومن واجب أهل الأحياء أن يتعرف كل واحد على أسماء جيرانه، ومن حوله، فعدد الفلل التي عن يمينه، والتي عن شماله، ومن المصيبة أن نقول هذا الكلام اليوم؛ لأن واجب المسلم أن يعرف جيرانه حق المعرفة من قبل، ولكن كيف وقد حصل عند بعض المسلمين تقصير في معرفة جيرانهم وأهل حيهم، من واجب كل واحد أن يطرق الباب على جاره، وأن يسأله عن اسمه إن كان يجهله، ورقم هاتفه وعدد أولاده الشباب، ثم يأتي إلى الذي بعده، وأن يتناوبوا الليل بين الفينة والأخرى، يخرج اثنان منهم فيلتفتوا ويدوروا وينظروا ويتأملوا، هل يدور في هذا الشارع أمرٌ غريب أم لا؟ حينئذٍ يبقى المتربصون محبوسين في كيدهم، وفي باطنهم لشدة ما يرون من إعداد المؤمنين لهم.

فيا معاشر الإخوة: هذا واجبنا إن لم نكن على الحدود، وإن لم نكن في مهمة مدنية أو عسكرية، فإن واجبنا في أحيائنا قائم، وانتبهوا جيداً لكل مرفق من مرافق أرضكم ومجتمعكم وأمتكم، لا تقل هذا ليس في حيٍ لنا، أو هذه ليست بمملوكة لنا، لا.

وإنما كل عمل ترى فيه عجباً ودهشةً، فعليك بأن تضاعف، وأن تثير حب الفضول، وأن تعرف ماذا يدور، إن كان تحت سمع وبصر، وإلا فبلغ وتابع وتحر وابحث، لكي تعرف ماذا يدور في مجتمعك تمام المعرفة، هذا من واجبنا، ومن مسئولياتنا، أن نشهد جميعاً هذه الحرب وأن نواجهها، والحمد لله على كل حال إن كان قدر للأمة أن تواجه حرباً، فالحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام العدل؛ لأن الله لا يقدر ظلماً، والحمد لله على مقاديره التي تدور على تمام الحكمة؛ لأن الله لا يقدر عبثاً، والحمد لله على مقاديره التي تقوم على الرحمة، لأن رحمته سبقت غضبه، ورحمته وسعت كل شيء.