للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التحذير من ترك العمل خوفاً من الرياء

السؤال

إنه شاب يعمل منذ عدة أشهر في نشر الدعوة إلى الله عن طريق المطويات والكتيبات وإرسالها إلى خارج المملكة عن طريق المراسلة، ويقوم بمجموعة من أمور الدعوة، لكنه يقول: إني أخشى على نفسي من الرياء، فما هو توجيهكم لي؟

الجواب

هذا شيطان يريد أن يردك عن عملك، بما يوسوس لك من دعوى الرياء، ولو أن كل من مر بعقله هاجس الرياء والسمعة توقف عن الخطب والمحاضرات وتوزيع الكتب والمطويات والنشرات، والعمل في المقرات الخيرية ومكاتب الجاليات، والمشاركة في كل الأعمال الخيرية، لما بقي منها أحد، كلنا يخشى على نفسه الرياء، أي والله نخاف ونخشى على أنفسنا الرياء، ونخشى على أنفسنا السمعة، لكن هل نترك العمل الصالح خشية وساوس الشيطان؟ لا.

أنت لا تعجب بعملك، ولا تُدل على الله بفعلك، ولا تباهي أو تحبط عملك، تقول: اسكت أنا فعلت وعملت، لا.

تقول: والله لا أدري، القدوم على الله عز وجل في أمر رحمته وحده لا شريك له، إذا قدمنا يوم القيامة فليس اعتمادنا على هذه المحاضرات والكلمات والخطب والمطويات والنشرات والصدقات والتلاوات والأعمال، ولكن رجاؤنا في رحمته وحده لا شريك له، رجاؤنا في أننا نشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.

إن تكرم علينا الرب الجواد الكريم المتفضل المنعم بقبول شيء من أعمالنا فله الفضل، الذي أعطى اللسان الناطق، والعين الباصرة، والأذن السامعة، واليد الباطشة، والقدم الماشية، وإن لم يقبل فلا حول ولا قوة إلا بالله، ومعاذ الله أن يكون العمل هباء منثورا، نسأل الله ألا يجعل أعمالنا وإياكم {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً} [النور:٣٩].

أخي الحبيب! إياك أن تقف عن العمل، بل قاوم هذا الوسواس بمزيد من النشرات توزعها، ومزيد من المطويات توزعها، ومزيد من الصلوات تؤديها، ومزيد من العبادات والدعوة تفعلها، أما إذا كان كلما رمي الإنسان بكلمتين أو ثلاث يتوقف عن عمله، كأن يقال: فلان يريد منصباً، إذاً وقف من أجل ألا يقولون: يريد له منصباً، فلان يريد دنيا، وقف إذاً، فلان يريد ثناء الناس وسمعتهم، لا.

أخلص ما بينك وبين الله عز وجل، واعلم أن أعمال الآخرة كالدعوة والعبادة، ما لم تكن خالصة لله، فالذين يبيعون الطماطم والخضار على الأرصفة أكسب منك، لماذا؟ لأن الذي يبيع الطماطم والخضار يكسب مالاً، أما الذي يظهر بأعمال العُبَّاد ولا يرجو بها وجه الله، فلا دنيا حصلها ولا آخرة، ويكون قد خسر الدنيا والآخرة.