للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا داعي للواسطة بين التائب وبين ربه]

من جميل ما قاله أحد المفسرين: إن الله عز وجل في كتابه الكريم في سورة البقرة لما سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة:٢١٩] قل أي: يا محمد {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} [البقرة:٢٢٠] {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة:٢١٧] {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:٢٢٢] {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] فما سأل الصحابة سؤالاً إلا قال الله عز وجل: يا محمد قل لهم الجواب كذا.

ولما سأل الصحابة عن الاتصال بالله، قالوا: يا رسول الله! ربنا بعيدٌ فنناديه أم قريبٌ فنناجيه، فقال الله عز وجل ما قال قل يا محمد، وإنما جاءت في كتابه الكريم {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:١٨٦] ما فيها واسطة، حتى الاتصال بالله ما تحتاج إلى أنك تتصل بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم تتصل بالله عز وجل، نعم صلتنا بالله في معرفة ما أراده الله في تطبيق شرع الله، لكن في المناجاة يا محمد قل للناس، يا محمد ندعوك أن تبلغ دعوتنا لله، لا، يا ألله مباشرة، يا ألله مباشرة، وهذه من هذه الكرامات والمنن العظيمة الجليلة التي أكرمنا الله بها في هذا الدين.

ومما زادني شرفاً وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا

أن يكون الواحد عبداً لله، وأن يناجي الله عز وجل مباشرة، ما أطيب وألذ وأجمل هذه الصلة! إن الدنيا ربما يحتاج الإنسان إلى وساطات حتى يتوصل إلى فلان أو زعيم أو أمير، لكن الصلة بملك الملوك وهو الله مباشرة.