للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب الغرور]

ما هي أسباب الغرور أيها الإخوة؟ من أسباب الغرور: الشهرة، والشهرة الرياضية بالذات من أسباب الغرور، نجم الكرة الفلانية لا يلتفت ولا يريد أحداً يسلم عليه.

هداف الدوري لهذا العام فلان بن فلان، لماذا لا يسلم، وما هو الذي ميزه عن عباد الله أجمعين؟ أليس سيقف مع سائر الخلائق يوم القيامة؟ أليس الموت سيأتيه كما سيأتينا؟ فما الذي ميزه؟ فالشهرة سواءً كانت في الجانب الرياضي، والحديث يكون عليها مناسباً ما دمنا في نادي النصر.

الشهرة المالية: إنسان مشهور بالمال والثراء، تجد كثيراً من الناس وهذا للأسف موجود بكل صراحة، ومن خالط الناس لاقى منهم نصباً، يعرف هذا الأمر الذي يخالط طبقات الناس على مختلف مستوياتهم الفكرية والعلمية والمادية والاجتماعية والوظيفية، فتجد الإنسان الذي في الطبقة الرابعة عشرة أحياناً لا يريد أن يسلم، لأن هذا في السادسة والخامسة، وكأنه لا يعلم أن الله قادر على أن يميت كل ليلة واحداً، وأن الطبقة الرابعة عشرة سيحل فيها شخص محل الثاني، أقصد أنه: ينبغي للإنسان ألا يغتر بشيء زائل، وإن كان هناك من شيء نرتفع به ونرتقي به، فهو أمر باق، ولا يبقى للإنسان ذكر إلا ما كان بالدعوة إلى الله والطاعة والانقياد والخضوع لله سبحانه وتعالى.

شهرة المنصب، شهرة المستوى الاجتماعي، كونك من أسرة معينة من جهة معينة تنظر للناس، لكن: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) أتدرون من أغنى الناس؟ أتدرون منهم الملوك؟ الذين يقنعون بما آتاهم الله ويستغنون عن الناس، يستوي أغنى الناس وأفقر الناس إذا كان هذا الفقير غنياً عن هذا الغني ولا يمد يده إليه.

لماذا ساد الحسن البصري أهل البصرة؟ قالوا: احتاجوا لما عنده من العلم واستغنى عما عندهم من المال، فكن غنياً عن الناس تكن أغنى الناس، وإذا احتاج الناس إلى علمك وفقهك ومشورتك وفزعتك ونحو ذلك، فستكون سيداً عليهم وإن كنت من أفقرهم.

إذا أيها الإخوة: كل شهرة زائلة إلا ما كان مرتبطاً بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وبالفقه في دين الله، فكم نجم رياضي مر علينا في تاريخ النجوم والرياضة ولكنه يلمع شهراً شهرين ثم ينتهي، وكم نجم مالي لمع فقيل: فلان بن فلان رأس ماله ملياران، ولكن مات وانتهى، والناس تشمت في ورثته حين يتقاتلون على قسمة المال.

كم رجل تولى منصباً كبيراً ثم انتهى.

إذاً كل مظاهر الشهرة تنتهي وقد تعود وبالاً وضلالاً على صاحبها:

إن أهنا عيشةٍ قضيتها ذهبت لذاتها والإثم حل

يبقى الحساب والعقاب ويبقى الموقف بين يدي الله جل وعلا على هذه الشهرة التي وقفت بها هل سخرتها في طاعة الله؟ هل سخرتها لدعوة إلى الله؟ هل بذلتها لله سبحانه وتعالى أم بذلتها لكي تفتح لك السيارات، وتعطيك الكرة توقع عليها، وتعطيك الفنيلة تختم عليها وإلى آخره؟ الشهرة التي تبقى في الحقيقة هي الشهرة المرتبطة بدين الله، فبإمكانك أن تكون لاعباً مشهوراً في دنياك وبعد مماتك إذا ربطت هذه الشهرة بطاعة الله، يأتي لاعب في دولة معينة، فيؤذن ويصدح ويقول: الله أكبر في تلك البلاد الكافرة، نعم هذه شهرة أوجبت له ذكراً حميداً في حياته وبعد موته، يأتي لاعب يصلي في الملعب والناس يقفون ويصلون معه، فيقتدون بصلاته، هذه أوجبت له ذكراً حميداً في حياته وبعد مماته، هذه هي الشهرة الباقية، أما الشهرة الزائفة الزائلة والضعيفة المؤقتة فسوف تنتهي ويبقى عليك حسابها.