للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهود جوارح العبد عليه]

يجري بين العبد وربه حوار تشهد فيه عليه جوارحه، فعن أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: (هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول العبد: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟ فيقول الله عز وجل: بلى، فيقول العبد: إني لا أرضى على نفسي إلا شاهداً مني -أي يقول: إني لا أرضى أن يشهد علي أحدٌ لا ملك ولا قريبٌ ولا بعيد ولا أرضٌ، وإنما أرضى أن يشهد علي شاهدٌ من نفسي فقط- فيقول الله: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، ثم يختم على فيه، فيقال لأركانه -أي: لجوارجه-: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بين العبد وبين الكلام، فيقول العبد لجوارحه: بعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل) رواه مسلم.

ويبلغ الأمر أشده، والمخاصمة ذروتها عندما يخاصم العبد ويجادل وينازع ويلوم أعضاؤه، قال الله عز وجل: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت:١٩ - ٢١].