للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السمع والطاعة في غير معصية الله]

أيها الأحبة! مسألة الطاعة ليست من مسائل الفروع، بل هي من أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، يقول الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية: ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يداً من طاعتهم، وتأملوا كلمة "ولا ندعو عليهم" فما أكثر الجهلة والأغبياء الذين يدعون على السلاطين اليوم.

ومعلوم أن الطاعة إنما تكون لسلطان له شوكة ومنعة، فمن لم تكن له شوكة ولا منعة فهذا لا سمع له ولا طاعة، إن السمع والطاعة لولاة الأمر من المسلمين في غير معصية مجمع على وجوبها عند أهل السنة والجماعة، وهي كما قلت من أصولهم التي تميزوا بها عن أهل البدع والأهواء، وقل أن ترى في مؤلفاتهم وفي عقائدهم إلا وتجد النصوص المتواترة الكثيرة على وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإن جاروا، وإن ظلموا، وإن فسقوا، وإن فجروا وهذا الإجماع ليس اجتهاداً بل هو مبني على الأدلة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث تواترت الأدلة في ذلك.

أخرج البخاري في صحيحه في باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، ورواه مسلم أيضاً كذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) وقوله "فيما أحب وكره" أي: فيما وافق غرضه وهواه أو خالف ما يشتهيه أو يهواه.

يقول بعض أهل العلم: إن طاعة الحاكم واجبة على كل مسلم بما يوافق طبعه أم لم يوافق بشرط ألا يأمره بمعصية، فإن أمره بمعصية؛ فلا تجوز طاعته، ولا يجوز له محاربة الإمام أبداً.