للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا داعي لاعتراف التائب أمام الناس]

بعض الشباب، إذا غلط غلطة راح وجاء عند الإمام وقال: والله يا شيخ في تمام الثانية عشر ظهراً من ذلك اليوم الذي في تاريخ كذا (وعطف التاريخ كله) فعلت وفعلت وفعلت.

يا أخي: من الذي قال لك تعترف بكل ما فعلت؟ لسنا نصارى! لستَ أمام قسيس، أمام كربينال، في كاتدرائية، تب إلى الله فيما بينك وبين نفسك: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون، قيل: من المجاهر يا رسول الله؟ قال: هو الذي يمسي يستره الله عز وجل، فيصبح يهتك ستر الله عليه) من عظيم النعمة أننا في هذا الدين ارتباط بالله عز وجل ليس بيننا وبين الله واسطة، لا داعية لا عالم لا حاكم، لكن انظر إلى الأديان والملل الضالة كالنصارى في طوائف أخرى، الواحد يضحك من غرائب ما يجري.

مرة زرت الفاتيكان في روما فوجدت حجيراتٍ في ذلك المكان القبيح، وليس بمكانٍ طاهرٍ لأنه مملوء بالصلبان، ولكن: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:٦٤] فقلت لمترجمٍ كان معنا: ما هي هذه الحجيرات الصغيرة؟ قال: هذه يجلس القسيس في هذه الحجرة الصغيرة في هذه الزاوية أو في هذه الجهة منها وأنت كما ترى هذه الستارة أو هذا العازل وبينهما فتحة مربعة، فيجلس القسيس، يعني: الحجرة فيها عازل، يجلس القسيس هنا ويجلس المجرم هنا، فيجلسان ويقول المذنب: أيها القسيس! باسم الرب والروح القدس فعلت كذا وفعلت كذا وفعلت كذا، ثم يدخله القسيس -مسخرة- يقدم له إناء فيضع فيه كذا دولار أو كذا عملة معينة، ثم يدق جرس ويقول: قد غفر الله لك.

لا تضحكوا يا إخوان، وشر البلية ما يضحك، من قُدر له أن يزور سيجد من هذه السخافات والعجائب، وكل كنسية لها طريقة في التوبة وفي الاعتراف وفي طريقة الغفران، لكن في دين الإسلام لا أحد يذهب إلى القاضي أو الشيخ أو العالم ليقول: إني أذنبت وفعلت وفعلت، نعم إذا كان مبتلى بذنب، ما يقول: أنا أذنبت، يقول: كيف ما هي نصيحتك لمن وقع في ذنب كذا، أو يريد التخلص من كذا، أو شخصٌ ما يريد أن يتخلص من كذا، ما تأتي لتفضح نفسك؛ لأن الله ستير يحب الستر ومن ستر مسلماً ستره الله، لا واسطة بيننا وبين الله.