للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عداوة الأوهام والخوف]

أيضاً صورة أخرى من صور العداوات: عداوة الأوهام والخوف يأتي إنسان ويقول: والله يا أخي هؤلاء الدعاة أناس طيبون، والشباب الملتزمون أيضاً طيبون جداً، لكن -يا أخي- يقولون: إن عندهم أشياء وما هذه الأشياء؟! هل معهم تحت الأرض طائرات فرلين؟! أو هناك مطار سري في أي مكان؟! هذه مصيبة، فعلاً لما يقول لك: عندهم أشياء، تعال ما هذه الأشياء؟ مدفعية ميدان! صواريخ! مضاد طائرات أباتشي! قاذفة! دبابات! يا أخي الكريم تعال وأخبرني ماذا عندهم، أنا أقول: من واجبك أن توضح كل تساؤل يطرأ في ذهنك، لكن عداوة الوهم والخوف التي تعشعش في ذهنك، وتقول: هؤلاء عندهم، وهؤلاء عندهم، تعال يا أخي ادخل بيتنا، وادخل بيت الشيخ، وادخل بيت فلان، وتعال وستجد فتح الباري لـ ابن حجر، وتحفة الأحوذي، ومعالم السنن للخطابي، وصحيح سن أبي داود للألباني، وشرح الرحبية، وكتاب التوحيد، وكشف الشبهات، ما هي الكتب الموجودة عندك؟! قضية عندهم وعندهم وعندهم هذه من الأشياء التي سمعتها أكثر من مرة عند بعض الناس، ويقول لك: فقط يا أخي ما أدري ما وراء هؤلاء المطاوعة؟ إنها مسألة غريبة ومضحكة وعجيبة! وإني أعجب من أناس تعرفه مرة تلقى معه دكتوراه، أو ماجستير، أو يدرس في جامعة متطورة متقدمة، ويقول: هؤلاء عندهم كذا! تجد الرجل -لو تدخل المعمل- اكتشف أدق الميكروبات، أو لو عمل معادلة حسابية لاكتشف (سين) المجهولة، أو يعمل شيئاً يكتشف العلة بالضبط، لكن أكبر حقيقة لا يعرفها، سبحان الله العلي العظيم! أكبر حقيقة إطار هذا الموضوع تجده لا يراها! إن بعض الناس يصدق فيه ما حصل للطفيل بن عمرو، لما سمع بخروج النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، قيل له: إنك تأتي إلى رجل كلامه السحر، فاجعل في أذنيك الكرسف -وهو القطن- حتى لا يؤثر عليك، فأخذ الطفيل بن عمرو القطن ووضعه في أذنيه، وذهب إلى مكة حتى لا يسمع، ثم قال: أما وإني من أشعر العرب، وأميز سجع الكهان من الشعر وغيره، فلماذا لا أزيل هذا القطن وأسمع، فإن كان ما يقول محمد حقاً قبلته، وإن كان باطلاً رددته؟ فجاء وسمع من النبي، فسمع كلاماً حقاً، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.

فنحن نقول للذي قتله الشيطان بعداوة الوهم والخوف والإرجاف والتثبيط (عندهم ما عندهم، وراءهم ما وراءهم): هل هي منظمة سرية؟ ثم إن الدعوة إلى الله جل وعلا بفضل الله ينبغي ألا يوجد فيها حزبية، وأن تخرج عن إطار الحزبية الدعوة إلى الله في المساجد، الدعوة إلى الله علناً، لا يتردد الداعية أن يطرح الحق الذي عنده على الرصيف، أو في مقهى في شيشة، أو في مطعم، أو في مسجد، لأن عنده حقاً لا يتردد في تقديمه، وليس عنده شيء يخفيه أبداً، الحق واضح، وبفضل الله جل وعلا ما قد رأينا محاضرة سرية، وإلى الآن ما رأينا مشروعاً سرياً أبداً، بل يدعى الناس أن يأتوا، ولعلنا نطلع على ما يخطط العلمانيون الذين كانوا كفأر يوسوس خلف حائطٍ، نعم هؤلاء أعداؤكم، ولا تقولوا: ما عندنا أعداء، لنا أعداء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أعداء يخططون في الليل والنهار، سراً وجهاراً.

إذاً: فالدعاة الذين كلامهم ومحاضراتهم وحديثهم على الملأ في وضح النهار والله ليسوا بأعداء، إنما الأعداء كما قال تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [النمل:٤٨]، الأعداء الذين يتهامسون سراً، ولا ينبغي أن يوجه إليهم الإعلام حتى يفسدوا الأمة، هم يتمنون ذلك، ولا يلزم من كلامي هذا أن يوجد الآن من يفسد، قد يوجد ونحن لا نعلم الغيب، لكن عداوة الإرجاف والتثبيط هذه هي التي قتلت، لذلك أقول: أخي الحبيب! إياك إياك أن تكون عدواً لإخوانك أو لنفسك بعداوة الوهم والإرجاف والتثبيط التي يزخرفها ويزينها ويوسوس بها الشيطان عليك.