للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطأ حصر القيام بالدعوة على فئة معينة]

كذلك أيها الأحبة من الملاحظات: أن تجد من يرى حصر انتفاع الإسلام والدعوة في فئة معينة، يعني: يتصور أنه يمكن يخدم الإسلام فقط أصحاب الفضيلة العلماء الأجلاء، أو القضاة الأكابر، أو أو إلى آخره، يعني: لا يتصور أنه يمكن أن يخدم الإسلام من جميع البشر الذين أمامه.

أيها الأحبة! أنا إذا تصورت أنني لا أستطيع أن أوظف جهود الحاضرين لخدمة الإسلام والدعوة إلا من خلال مواصفات معينة، فمن تنطبق عليهم هذه المواصفات هم الذين سيخدمون، والبقية لن يعملوا شيئاً أبداً، وإذا تصورت أن جميع الحاضرين بإمكاني أن أوظف جهودهم، فأنا أستطيع أن أوظف جهوداً ضخمة وخطيرة وجبارة في خدمة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، إذاً من أين ينشأ الخلل؟ ينشأ من أنك تتصور أن خدمة الإسلام ونفع الدعوة لا يمكن أن تحصل إلا من عدد محدود، أو من طائفة معينة، والبقية لا، وبعبارة أوضح وأشمل: ينبغي أن تتصور أن الفاسق يمكن أن يخدم الإسلام، والفاسق يمكن أن يعينك في أمر ترجوه عند الله سبحانه وتعالى، ففسقه له وحسناته لله عز وجل، لكن تنفعه بإذن الله سبحانه وتعالى، {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٠٢].

لماذا لا نتصور أن الإنسان إذا كانت عنده معاص، أو منكرات أو فسق أنه لا يمكن أن يكون عنده عمل صالح؟ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:٧ - ٨] بل إن بعض الذين عليهم سمات الفسق الظاهر، أو شيء من هذا تستطيع أنك تكلمه أحياناً، وتشعره بأنه يستطيع أن يتبنى قضايا دعوية، أو أموراً مهمة، فتجد فيه إيجابية، إذاً لماذا نعجب؟