للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالرؤى]

والرؤيا -يا عباد الله- من الأمور التي كان يهتم بها النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل أصحابه بين حين وآخر بقوله: من رأى منكم رؤيا؟ ومن له أدنى اطلاع على تعبير الرؤى والمنامات مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه فإنه يعرف مدى أهمية الرؤى.

والذي يهم المسلم بالدرجة الأولى في هذا الأمر أن يعلم أن الرؤى حق لا شك فيه، وأنها قد تكون دليلاً على حدوث أمور مستقبلية، خاصة إذا رآها من هو معروف بالاستقامة والصلاح، وعبرها من اشتهر وعرف بالعلم والفراسة، ومن تيقن هذا أدرك كذب وافتراء بعض الذين يدعون أو يسمون النفسانيين في تكذيبهم للرؤيا وعدم المبالاة بها على أي وجه ومن أي صفة وأي إنسان وقعت وكانت.

أيها الأحبة في الله الرؤيا الصالحة لا تخلو من بشارة أو نذارة في أمر دين أو أمر دنيا، وقد تكون مبشرة تحث من رآها على لزوم سبيل الاستقامة والثبات على الحق والدعوة إليه، أو تهديه إلى ما فيه خير له في آجله وعاجله.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [يونس:٦٤] قال أبو الدرداء: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية، فقال: (ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت، هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له) وقد تكون الرؤيا نذيراً لمن رآها عن الغفلة عن ربه، والتفريط في جنبه، ومن ثم تحمله وتجره إلى التوبة النصوح، وتبعثه على العمل الصالح، وتحذره مما فيه الشر والخسارة في أمر دينه ودنياه.

وحقيقة الرؤيا تكمن فيما يخلقه الله عز وجل في قلب النائم، فيرى أموراً كما لو كان يراها وهو في حال يقظته، فسبحان الذي يفعل ما يشاء بأفئدة عباده وعقولهم في حال نومهم ويقظتهم!