للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فتنة النساء سبب للغفلة]

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: أيها الأحبة! إن كثيراً من الذين لجَّوا في الغفلة لجاجة واضحة كما قلت كان داؤهم ومرضهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إنما غفلوا بسبب الدنيا أو بسبب فتنة النساء، وفتنة النساء اليوم أصبحت أمراً خطيراً وتلونت، فليست فتنة المرأة في شيطانة تتسلط على رجل لتغريه، بل -أيضاً- في شياطين يتسلطون على النساء، ومنظمات عالمية لا يتسلطون على فرد أو على مجتمع بل يتسلطون على شعوب بأكملها لإفسادهم وتخريبهم عبر هذه القنوات، وإن فتنة النساء اليوم قد استحكمت في هذه القنوات أو ما يسمى بالدش فتنة عظيمة، وأصبحت القنوات الفضائية تنافس أيها أكثر خلاعة وأيها أكثر مجوناً، وأيها أكثر سخافة وإسفافاً، وكسراً للحياء، وهدماً للفضيلة حتى تنال من المشاهدين والمتابعين أكبر حظ ورصيد، فأصبحت فتنة المرأة فتنة عظيمة.

وخير للرجال والنساء العفة وغض الأبصار، لكن مكر الأعداء عظيم: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران:٥٤] {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:٤٦] {وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً} [نوح:٢٢] في أمر النساء والفتنة بالنساء، بداية بعضهم معاكسات، عبث بالهاتف، ثم لا تلبث أن تتطور إلى علاقات، ثم لا تلبث أن تتحكم في القلوب عشق الصور والمشاهد فلا يبالي أحدهم ولا يبالي كثير منهم أن يعمق ويسفي شهوة الصور بهذه القنوات وما يعرض فيها، فتعلق في القلوب صور وأشكال لغفلة أصحابها لا يجدون لها دواءً إلا الداء ذاته،

وداوني بالتي كانت هي الداء

لا يجدون لها دواءً إلا أن يذهبوا إلى ما رأوا، وأن يركعوا ويخضعوا عند من وجدوا وعشقوا، ثم والعياذ بالله تستحكم فيهم هذه الغفلات، وبعضهم بهذا الشر يتسلط على بنات مجتمعه فيترصد لهن ليسقطهن وليغريهن وليقتنصهن في حبائل وشرك مغازلاته ومعاكساته، فكم من عفيفة انقلبت فاجرة! وكم من طيبة انقلبت فاسدة! وكم من صالحة تحولت أحوالها وبكت بعد الدمع وقبله دماً؛ بسبب هذه الفتنة العظيمة التي أورثت فتنةً لا أول لها ولا آخر، ولا سبيل إلى النجاة منها إلا عود صادق ورجوع وإياب بقوة إرادة وجلد وعزيمة وإصرار، تقول لكل معصية: الطلاق الطلاق الطلاق، ثلاثاً بتاتاً، بينونةً كبرى لا رجعة فيها أبداً؛ طاعةً لله، خوفاً من عذابه، رغبة في ثوابه.

هو أحق أن يخشى، هو أحق أن يذكر فلا ينسى، وأن يطاع فلا يعصى، فمن عظم أمر الله في قلبه شفي بإذن الله من داء الغفلة.

يقول سلمان الفارسي رضي الله عنه: أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: ضحكت من مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل لا يغفل عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أمسخط ربه أم مرضيه، وأبكاني ثلاث: فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي رب العالمين حين لا أدري إلى النار انصرافي أم إلى الجنة.

فيا أيها الأحبة! هل نعود؟ وهل نرجع؟ وهل نئوب من هذه الغفلة أم نخلط ونلفق ونرقع؟

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع

فطوبى لعبد آثر الله ربه وجاد بدنياه لما يتوقع