للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الله العليم!]

الله تعالى عليم بكل شيء لم يسبق معرفته جهل ولا يجوز على معرفته نسيان.

الله عز وجل صفته العليم، العلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولم يلحقه نسيان.

والله عز وجل الحي القيوم! الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال، ولا يمكن أن يكون في علم الله ما يخالف الحقيقة، علم الله محيط بالأمس واليوم والغد بالظاهر والباطن بالدنيا والآخرة، قد يعرف الإنسان شيئاً عن حاضره وقد يذكر طرفاً من ماضيه وما وراء ذلك، ولكن الواحد منا جاهل بمستقبله لا يعلم ما يغيب له بعد دقيقة أو ثانية، لكن الله وحده يحصي أعمالنا الماضية ساعة ساعة، ويسجل أحوال العالم الغابر دولة دولة، وحادثة حادثة، قال: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه:٥١ - ٥٢].

إنه علم يشرق على كل شيء، فيجلي بواطنه وخوافيه، ويكشف بداياته ونهاياته، يحيط بذاته وصفاته، فالشهود والغيب لديه سواء، والقريب والبعيد والقاصي والداني لديه سواء: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ} [فصلت:٤٧] علم الله يشرف على كل شيء إشرافاً تاماً، ويهيمن على أطوار الموجودات ما يحس منها وما يتوهم، كل ذلك بعلم الله عز وجل، فعدد ما في صحاري الأرض من رمال، وما في بحار الدنيا من قطرات، وما في الأشجار من ورقات، وما في الأغصان من ثمار، وما في السنابل من حبوب، وما في الجبال من صخرات، وما في الصخور من ذرات، وما في رءوس البشر وجلودهم من شعر، ثم ما يمكن أن يطرأ على هذه الأعداد الكثيرة من أحوال شتى مما تحتاج إليه في وجودها من قوى متجددة، وما يعتريها من أوصاف متغايرة، كل ذلك يحيط به علم الله سبحانه.

علم الله سبحانه وتعالى الذي لا تبلغ عقولنا منه شيء: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٣ - ١٤] أرواحنا هذه التي في أقفاص صدورنا، هذه التي في جنبات أبداننا، أرواحنا هذه التي نتحرك بها نحن لا نعلم عن كنهها شيئاً {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:٨٥].