للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هيئة الأمم المتحدة حراس للصرب في البوسنة]

أيها الأحبة: كنا نظن وقد انخدع بعضنا يوم أن عقد ذلك المؤتمر في لندن وظن الناس أن وصية العدالة وأن محامية الحرية وولية الكرامة الإنسانية أوروبا الغربية سوف تنصف المظلوم من الظالم، والمقتول من القاتل، والمغصوبة من الغاصب، ظننا أننا سنجد في مؤتمر لندن نتيجةً تحقق للمسلمين، ولكن رأينا وسمعنا وقرأنا شواهد القوم من أهلها، {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} [يوسف:٢٦].

في جريدة فرانكفورت صحفيٌ ألمانيٌ مشهور يقول: إذا رأيتم أن هناك تهديداً بفرض مزيدٍ من العقوبات، فاعلموا أن الغرب لم يلجأ للقوة لإنهاء الأزمة في البوسنة والهرسك، ثم يقول: غاية ما في هذا المؤتمر أنه صفعة للمسلمين، وانتصارٌ وتثبيتٌ لمواقف الصرب؛ لأن قوات الأمم المتحدة التي جاءت إلى مواقع القتال التي استولى عليها الصربيون أعطت الصرب أماناً ألا يضربوا وقوات الأمم المتحدة بجوارهم، هذا أولاً.

ثانياً: إن تلك البقاع التي عسكرت فيها قوات الأمم المتحدة جعلت منهم حراساً لها، الأمر الذي يجعل الصرب يستفيد من كافة الأسلحة الموجودة في تلك المناطق، ومن ثم التقدم بها إلى مناطق جديدة لا يوجد بها قواتٌ للأمم المتحدة.

بالعربي الفصيح: أصبحت الأمم المتحدة حارسةً للصرب، أصبحت الأمم المتحدة وجودها يعني: ألا يضرب الصرب إذ لو أخطأت رصاصة فوقعت في رأس أحد قوات الأمم المتحدة قال الناس: المسلمون يضربون الأمم المتحدة، ونقل الأسلحة من تلك البقاع يجعل المواقع آمنة؛ لأنه لا يمكن للمسلمين الآن أن يغزوا منطقةً يتمركز فيها قوات الأمم المتحدة ليستردوها إلى بلادهم، وليس هذا بغريب، فمكيال هذه القضية هو مكيال فلسطين بالأمس، وقديماً بل وحديثاً قال المسلمون هناك: ليس عندنا ما يحرص الغرب على الدفاع عنه.

أيها الأحبة: كلما تسمعون من تطورات وكلمات وشجب وتنديد، وإخراج هذه العقوبات التافهة واحدةً بعد الأخرى إنما هو من استهلاكٍ محلي، ولقد انزعج الصربيون يوم أن حرم فريق بلجراد الرياضي من المشاركة في الأولمبيات، هذه واحدة من الأساليب التي يقاطع بها العدوان، ألَّا يسمح لفريق المعتدي أن يلعب المباراة مع بقية الفرق، هكذا ترد الحقوق، هكذا تعاد الأراضي؟! هكذا ينتصف للمظلومين؟! إنا لله وإنا إليه راجعون!