للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العمل بما نطيق]

أيها الإخوة! أذكركم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) أي: ما دمت في اهتمامك وعنايتك بهذا الوقت، لا تكلف نفسك ما لا تطيق، أو تشحن نفسك بأمور قد تسبب لنفسك ردة فعل، بعض الناس من يدفعه الحماس والعاطفة والاهتمام بالوقت، بل والاهتمام بالعبادة جزاه الله خيراً إلى درجة يزيده الشيطان فيها زيادة تجعله يكره العبادة والاستقامة والتدين بسبب أنه ضغط على نفسه، ومعنى كلام النبي صلى الله عليه وسلم: لا تضغطوا على أنفسكم، بل اعملوا من العمل ما تطيقون، لأن الله غني عن أعمالنا، وكثرة أعمالنا لا تنفع ربنا.

إذاً: نكلف أنفسنا من العمل ما نطيقه رويداً رويداً؛ لأن الله لا يمل حتى تملوا (وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل) فلنداوم على العمل الصالح القليل، فإن ذلك ينفعنا، وإني أنصح نفسي وإخواني الذين يضغطون على أنفسهم وفي أوقاتهم أن يجتهدوا في الترويح عن النفس، فالترويح عن النفس من ضمن برامج الوقت ووظائفه.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [روحوا القلوب ساعةً بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمي] ويقول آخر: [روحوا عن النفوس ساعةً بعد ساعة، فإن النفس إذا كلت ملت].

إذاً: الترويح مهم، يُقال: إن رجلاً شاهد أعرابيةً تتعبد وتتنسك وتصلي، ثم رآها في وقت آخر، أي: في نفس يومها، قد تهيأت وتجملت لزوجها، فقال: أين هذا من ذاك؟ أين عبادتك من فعلك هذا؟ قالت:

وللجدِّ مني جانبٌ لا أضيْعه وللهو مني والمحبة جانب

يعني: أنا أقسم وقتي، وأجعل نشاطي في نفسي يوزع على هذه الأعمال داخل هذه الأوقات وقت الجد والعمل، حتى وقت الترويح عن النفس هو وقتٌ إذا احتسبه الإنسان، فهو عبادة، لأنه يدفعك ويجعلك تندفع نشيطاً لمزيد من الأعمال الصالحة.