للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التشبه بالكفار في قصات الشعر وغير ذلك]

السؤال

يا شيخ! سعد إني أحبك في الله، ماذا تقول في الشباب الذين يعملون تسريحات الشعر، ويتشبهون بغير المسلمين خاصة بأنهم كثروا بعد أحداث الخليج؟

الجواب

أحبك الله الذي أحببتني فيه.

يا أحبابي ويا إخواني! الرجل لا يمدح بشعره، ولا يمدح بلونه، ولا يمدح بطوله، أو بقصره.

ترى الرجل النحيل فتزدريه وفي أثوابه أسدٌ هصور

ويؤسفنا جداً أن نقول: إن الشاب الذي يبالغ أو يعتني بتسريحة الشعر، قصة الأسد، أو قصة حرب الخليج، أو قصة عاصفة الصحراء، أو قصة مادونا، هذه الحقيقة ما هي رجولة إطلاقاً، والشاب فخره برجولته، فعيب على رجل فضله الله {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ} [النساء:٣٤] {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران:٣٦]، يكرمه الله جل وعلا، ثم يحاول أن يقلد قَصَّةَ شعر، أنا من مدة رأيت قِصة عجيبة: شخص رأسه محلوق، بصفة دائرية، وأذكر أني رأيت في المنطقة الشرقية، في قاعة الظهران أمريكياً فعلاً رأسه كأنه مكنسة، فنتيجة أيام بسيطة جاءنا شيء غريب على مجتمعنا قلدناه بهذه السرعة! أين الأصالة؟ أين العقل؟ وللأسف أذكر من مدة في الكلية كنت أدرس، وفجأة صارت القاعة كلها أكوات مكوتة، فإذا القضية تقليد إيطالي نُقل إلى أمريكا، وجاءنا من أمريكا فوراً، أي: عندنا استعداد للتقليد عجيب جداً! خرج في أمريكا موستنج مكشوف لقيته) عندنا (موستنج) مكشوف، وهلم جراً، أي: عندنا حب للتقليد عجيب! وبالمناسبة: صفة التقليد والترداد هي صفة القرود والببغاوات، فالإنسان يتصف بالاستقلالية والرجولة ويفتخر بهذا.

كنا مرة في أحد الفنادق في جدة مع أحد الأصدقاء، فنزلنا المطبخ -وليس عيباً إذا كان الإنسان محتشماً- فجاءنا (الجرسون) وأعطانا ملفاً وكتاباً، ففكرت أنه يريد أن يسجل عندنا في الكلية، وإذا فيه أسماء الأطعمة.

المهم أتى بالأكل، أنا قلت: بسم الله الرحمن الرحيم، ومددت يدي أريد أن آكل، فقال شخص: حسبك يا أبا عبد الله لا تفشلنا.

فقلت: خيراً ماذا فعلت أنا؟ توقعت أني أخطأت، قال: يا أخي! انظر الملعقة والشوكة أمامك فكل بها، قلت: تريدني أن ألاحق هذه الزيتونة، ألأن القوم يأكلون بالشوكة والملعقة، فلابد أن آكل مثلهم! يا أخي! أنت رجل فضلك الله بعقيدتك، شرفك الله بدينك، شرفك الله بإسلامك، لماذا تقلد؟ لست ملزماً بالتقليد (كل بيمينك وكل مما يليك) لا أقول لكم: الأكل بالشوكة والملعقة حرام، لا.

لكن أنا آكل بالشوكة والملعقة من أجل أن أقلد، أو أستحي أن آكل بيميني، لا والله، بل أتشرف.

قال أحد العلماء، وكان في بريطانيا، فقال الجرسون: لماذا تأكل يا أستاذ -أو يا شيخ- بيدك، وهذه ملاعق منظفة؟، فقال له: كم تنظفون الملعقة يومياً؟، قال: ننظفها يومياً مرة واحدة ونقدمها، قال: وكم يأكل فيها من زبون؟ قال: كل زبون يأتي يأكل وننظفها بعده، قال: وأنت كم تغسل وجهك في كم؟ إذا قمت الصباح، قال: أنا أتوضأ يومياً خمس مرات، يدي ووجهي وجسمي ورجلي، ورجلي أنظف من وجهك، وأنظف من ملعقتك، نعم.

صحيح يا إخوان، المسلم فضله الله، لكن قضية الانهزام والهوان الذي جعل الكثير من الناس يستحون بالدين.

إن الدين عز، والدين شرف، هل يفتخر الذي يحفظ عشرين أغنية؟ أو يفتخر الذي يقلد الناس في كل ما فعلوا وأتوا؟ هذا أمر عجيب! حتى الأطفال الصغار عندنا، مرة ذهبت ألقي محاضرة في المتوسطة، هناك شباب صغار تعطيهم من هذه القصص لعل الله أن يهديهم، وإذا بي ألقى كلهم هكذا، ما هذه يا شباب؟ قالوا: (بنت البكار) الله أكبر! ما هذا الانهزام؟ ما هذا التقليد؟ والسبب لأننا لم نتعود أن نفتخر بعاداتنا، وقبل ذلك بديننا وعقيدتنا وقيمنا وتقاليدنا، الإنسان يفتخر بما عنده، بل بالعكس تجد كل من سواك في عاداته الهابطة سخيفاً وتافهاً، وأنت الشريف العزيز بدين الله جل وعلا.