للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عجباً لمن يترك العظمة إلى اللذة الفانية

أيها الأحبة: وأمام عظمة الله هذه ألا تعجبون من قوم يجعلون بينهم وبين الله واسطة؟! أمام عظمة الله هذه ألا تعجبون من أقوام يدورون بالأضرحة والقبور ويقولون: مدد مدد يا بدوي، مدد مدد يا حسين، هل يحتاج الله إلى جثة رميم هامدة في القبر لتوصل دعاءكم إلى الله عز وجل، أو تتخذونها واسطة إلى الله، أو تجعلونهم شفعاء إلى الله، مع كل عظمة يوصف الله بها وكل عمل يوصف الله به ترى أقواماً يجعلون بينهم وبين الله شفعاء ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣].

ترى أقواماً يجعلون بينهم وبين الله واسطة، وترون وتبصرون وتسمعون أقواماً بعضهم يذهب للكهنة يظنون أنهم يعلمون من غيب الله الذي لا يعلمه أحد، قال سبحانه: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل:٦٥] تعجب من أقوام يذهبون إلى السحرة والمشعوذين والدجالين والبطلة والممخرقين يريدون منهم حروزاً وتمائم وزناراً يعلقونه على عضدهم وفي رقابهم وعلى بطونهم يقولون: تدفع الضر والبلاء والعين، أيحتاج عبد إلى أحد وهو مرتبط متعلق بالله عز وجل، إن هذا هو الخسران المبين، وهذا هو الضلال المبين، أن ينقطع العبد من التعلق بالله ليتعلق بساحر وأن يصدق كاهناً في غيب ليتردد فيما أخبر الله به في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وليعرض عن هدي الله ووحيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ليعمل بنظريات وتجارب وأفكار وآراء عفا عليها الزمن.

وإن زينوها وزخرفوها:

في زخرف القول تزيين لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير

عجباً لهؤلاء الذين يجهلون أو يتجاهلون عظمة الله، وأعجب من هذا عبد يعلم أن الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل، ثم يلجأ إلى غير الله في كشف كربة، أو دفع ضر، أو جلب نفع، أو شفاء سقم، أو دفع بلاء ونقمة، يا سبحان الله! إن أمر التوحيد عظيم ومن حقق التوحيد أدرك عظمة الله عز وجل.

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، واسمك الأعظم الذي إذا سألت به أعطيت، وإذا دعيت به أجبت، اللهم إنا نسألك ونحن نحمدك بكل ما يليق بك، وبكل ما يرضيك، وبكل ما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، نسألك اللهم ألا تدع لنا في هذا المقام ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا كسيراً إلا جبرته، ولا مثقلاً إلا هونته، ولا مجاهداً إلا نصرته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا متزوجاً إلا ذرية صالحة وهبته.

اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، اللهم استعملنا في طاعتك، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واختم اللهم بالشهادة والسعادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جناتك مصيرنا ومآلنا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، واهدنا واهد بنا، واسترنا ولا تفضحنا، وثبتا وتوفنا على أحسن حال ترضيك يا رب العالمين! اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، ومتعهم بالصحة والعافية من كان منهم حياً، ومن كان منهم ميتاً فجازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً يا رب العالمين! اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.