للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العولمة ووسيلة الإنترنت]

أيها الأحبة: إن من وسائل العولمة، ما ضج به كثير ممن لا يعلمون أبعاده فرحاً به، ألا وهو مسألة شبكة الإنترنت، وهي فرعٌ عن قضية العولمة، بل وسيلةٌ من وسائلها، إنها تبدو بحجمٍ ضخمٍ في ذاتها، وكأن هذه الشبكة خطرٌ مستقل، والحقيقة أنها من أكبر أدوات العولمة، ومنها ينهال على العالم شرها الوبيل، في مواد ضارة على رأسها وأعلى قائمتها: الصور الجنسية الإباحية، التي تتيح للطالب وهو بجوار سريرة، أو على مقعده الدراسي في غرفته، أن يفتح نافذةٍ إلى الحانات والبارات والأفلام الخليعة والصور الجنسية، ليجعل من بيته في بلدٍ وإن كانت موحدةً تضج المآذن فيها بالتكبير، ليجعل من شاشته هذه في بيته المجاور للمسجد، حلقة ًونافذةً للعيش مع الغرب في حاناتهم وباراتهم ودور بغائهم.

نعم أيها الأحبة: إن من أخطر ما في هذه الشبكة هذه الصور الجنسية الإباحية التي ضج منها ليس علماء الإسلام وحدهم، بل سبقهم وشكى من ذلك علماء الغرب وقساوسة الكنيسة، وبعض رجالات التربية الذين يقولون: هذا خطرٌ مدمر:

كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً وأن المنايا قد غدون أمانيا

إن هذه الشبكة تنقل كل ما يريد البعض بثه، وعنها تغيب الرقابة أو السيطرة، إن هذه الشبكة جد مغرية؛ لأنها وسيطٌ إعلامي، ودليلٌ تعليمي حديث جداً، يتزايد الإقبال على هذه الشبكة في أوساط الشباب حتى أصبحت وكأنها صرعةٌ أو موضة، بل أداةٌ لتحديد حداثة الإنسان وتقدميته، بل وربما تصبح غداً أداة لتحديد من يعيش في هذا العصر أو لا، وهي في كثيرٍ من الدول توجد حتى في صفوف وفصول المدارس الابتدائية، فينشأ عليها الطفل من سنوات حياته الأولى، وتصبح جزءاً من حياته، وهاجساً له، ومصدراً دائماً يتلقى منه العلم وأنماط وقواعد التوجيه ولسهولة التعامل مع هذه الشبكة، ربما اتخذها الطالب أو الشاب وسيلةً ومصدراً للمعلومات والمعارف بل وبدون شعورٍ منه، تصبح هذه الشبكة مصدره في السلوك والتصرف.

ألا تعلمون أن من أراد أن يطلع على شيءٍ وهو يملك خطاً مباشراً إلى هذه الشبكة، فلا عليه إلا أن يعطي هذه الشبكة أو أن يعطي هذا الجهاز الحاسب أمراً للاتصال بالشبكة، ويقول له: ابحث لي عن كذا، ثم لا تلبث هذه الشبكة، أن تمده عبر جهازه بملايين المعلومات بل والصور والكلمات، ومن هنا اختل مصدر التلقي، فما بالكم بمن يأخذ الإسلام عن هذه الشبكة؟ وما بالكم بمن يأخذ الحلال والحرام عن هذه الشبكة؟ وما بالكم بمن يرى أن الحسن والقبيح هو ما رآه حسناً أو قبيحاً في هذه الشبكة؟ إن الأمر ليس بخطير فقط، بل إن بعض المسلمين اليوم أصبحوا لا يعرفون أين المعركة، ولا أين أبوابها، ولا أين مسرحها، ولا أين ميدانها، وذلك وايم الله في غاية الخطورة ولا حول ولا قوة إلا بالله! نحن لا ننكر أيها الأحبة! أن شبكة الإنترنت وإن كان فيها ما فيها من الشر، فهي أيضاً لا تخلو من فوائد نافعة ومن أساليب منتجة، ولكن لا يتعامل مع السلاح إلا من هو خبيرٌ به، أما إذا تعامل مع سلاح المعلومات هذه، فجاهلٌ لا يفقه أو لا يحسن التعامل والتمييز بين الغث والسمين، فإن ذلك من أخطر الأمور ولا حول ولا قوة إلا بالله!