للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إن الله ستير يحب الستر]

إن إلهنا وخالقنا ومولانا عظيم في ذاته، وكذلك عظيم في صفاته، ومن صفاته الرحمة، فهو عظيم في رحمته جل وعلا.

ولسنا نسوق هذا الكلام لكي تجترئ النفوس على المعصية، فكما أنه عظيم في رحمته غيور على نعمه، وغيرته أن يأتي عبده أو أمته ما حرم عليه {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة:٢١٨] فإنه كذلك شديد في عقابه.

إن الصادقين في طلب الرحمة براهين صدقهم في أعمالهم: التوبة بعد الذنب والحسنة بعد السيئة، والندم بعد الخطيئة، وملاحقة السيئات بالحسنات التي تمحوها بإذن الله.

لسنا نسوق هذا حتى يفهم السامع قول القائل:

وكثر ما استطعت من المعاصي إذا كان القدوم على كريم

بل نسوق هذا لكي نعلنها منذ اللحظة، ومن الساعة نهجرها ونطلقها ونودعها وليس وداعاً بل نفارقها فراقاً، وإن صرم فصرم كالطلاق، كل معصية أسرفنا بها وزللنا وأخطأنا، فالحمد لله الذي لم يزل بعد يمتعنا بأبصارنا وأسماعنا وألسنتنا وأيدينا وأقدامنا، وقد عصيناه بها جميعاً، فالحمد لله على ما ستر، والحمد لله على ما أنعم من هذه الحواس والجوارح ومن غيرها {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل:١٨] الحمد لله على كل حال.

ومن موجبات حمده أن نقلع عن معصيته وألا نصر عليها، وألا نستخدم نعمه في معصيته جل وعلا.