للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخلوة بالأجنبيات]

كذلك من أسباب الانحراف التي ابتليت بها بعض المجتمعات وبعض البيوت: الخلوة بالأجنبيات أياً كانت من المربيات: أو الخلوة بالأجنبية من الرجل أو المرأة سائقاً أو خادماً، أو خادمة أو مربية، أو ممرضة أو نحو ذلك، وبالجملة تساهل الناس بالخلوة، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من هذا فقال: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) رواه البخاري.

قال النووي: المراد في الحديث بالحمو: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمو الموت) له معاني عدة، فيحتمل أن يكون المعنى أن الخلوة بالحمو تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، والمعنى الآخر أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة أوجبت حد الرجم، أو المقصود احذروا الخلوة بالأجنبية كما تحذرون الموت.

هذا الكلام لا يفقهه العلمانيون الذين يقولون: إن نصف المجتمع معطل، والمجتمع الذي لا تعمل فيه المرأة في كل مجال وفي كل سبيل وبكل طريقة من غير قيود ولا ضوابط مع الرجال، هذه المعاني لا يفقهها العلمانيون، العلمانيون الذين يرون الدين في المحاريب والمنابر فقط لا غير، ويستنكفون أن يكون الدين في كل مجالات الحياة، لا يفقهون كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يدركون معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على المحارم) ولا يفقهون قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان) رواه الترمذي.

إن الخلوة بين الرجل والمرأة تفعل فعلاً شنيعاً، وإن من واجبنا ألا نشيع الفاحشة في المؤمنين، ولا نذكر كل فاحشة تقع، لكن لو أننا في مواقع نطلع فيها على ما يطلع عليه رجال الحسبة والهيئة، ورجال الأمن من المصائب الذي يشيب منها الولدان، لرأينا شيئاً تشيب منه الرءوس واللحى من خطورة وحوادث وأعداد مصائب خلوة الرجال بالنساء، من رجل بخادمة، وسائق بامرأة، ورجل بممرضة وغير ذلك.

هذه قصة من السنة تتعلق بمسألة موضوع الخادمة، عن أبي هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما قالا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله! أنشدك الله إلا ما قضيت بيننا بكتاب الله، فقام خصمه، وكان أفقه منه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي، قال: قل، قال: إن ابني هذا كان عسيفاً -أي: أجيراً والخادم يسمى عسيفاً- فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأته الرجم.

فقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: المائة شاة والخادم رد عليك، أي: مردودة عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، فغدا رضي الله عنه على المرأة، فاعترفت -يعني سألها عن مسألة الزنا لأنها محصنة فاعترفت- فرجمها.

رواه البخاري.

إذاً: خطورة الخدم من القديم موجودة، وحينما يسوغ لبعض البيوت استخدام بعض الخدم بضوابط شرعية لا يعني ذلك فتح الباب، بعض البيوت عندهم من الخدم شيء غريب جداً، لا من عدد، أو من الجمال، أو من السن، أو من الخلوة، أو من التساهل، بعضهم لا يتردد أن الخادمة هي التي تقرب الغداء والعشاء أمام الرجال، وبعضهم يفتخر أن عنده خادمة فليبينية أو من جنسية معينة، ببنطلون وقميص وبلوزة وشعر مسرح، ويجملها ثم يأمرها تدخل بالشاي وغير ذلك على الناس، هذا عرض دعارة والعياذ بالله، ما هذا الكلام؟ إذا ابتليت بالحاجة إلى هذه الخادمة فاتق الله، واعلم أنك مسئول عن سترها وعن تحجيبها.

من أسباب الانحراف: وسائل الإعلام التي انفتحت على الناس بشر عظيم، نسأل الله أن يكفينا شرها وما وراء ذلك.

الحديث يطول ولعلي أن اختصر، لقد تكلمنا عن الاختلاط والخلوة بالأجنبيات.