فهناك شريحة مشغولة أيضاً بلا مهمة، شريحة الأطفال، الكثير منهم مشغول، والعتاب لوالديهم والمربين والأولياء الذين تحملوا ذممهم:(كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته) اشتغل الأطفال برسوم متحركة، وما أصبح الذي يعرض في التلفاز والشاشات كافياً لاستيعاب انشغال الأطفال به، بل إن البعض تعدى ذلك إلى شراء الأفلام والمسلسلات من محلات الفيديو، أفلام خاصة بالأطفال حتى لا يبقى الطفل فارغاً، لابد أن يكون الطفل مشغولاً، ولكن مشغولاً بماذا؟ بهذه الرسوم المتحركة، وهذه الأفلام، واعجبوا من بعض هذه الأفلام.
وإنا ننادي كل من له علاقة بالإعلام، وننصح كل حبيب غيور على هذه الأمة، وعلى فكر ناشئتها، أن ينتبهوا ويلتفتوا إلى خطورة ما يعرض على هؤلاء الأطفال، فيما يسمى بالأفلام المدبلجة والمترجمة، يدور هذا الفيلم المدبلج حول شخصية بارعة جاذبة ذات قوة آسرة، فيتعلق الطفل (بعدنان ولينا) أو (هايدي) أو (الليث الأبيض) أو (جازورا) أو (سنان).
ويقول بعض الأطفال الصغار في برنامج يعرض اسمه:(نساء صغيرات) يقلن هؤلاء الصغيرات في بداية الحديث: "نحن الأطفال الصغار، نبض الحياة، معنى الحياة، لا ندري أين المصير، لا ندري أين المصير" فمشغولون، ولكنهم مشغولون بلا مهمة، بل مشغولون بما يعود بالضرر، وإن ناشئة الأمة وأطفالها هم عماد المستقبل بإذن الله إن اعتني بهم، والخطر كل الخطر أن يتعلق قلب الطفل بنمط حياة الكفرة، وأن يعجب بأسمائهم وتقليدهم وعاداتهم، وليس في هذه الرسوم المدبلجة إشارة إلى نمط حياة المسلمين، فلن تجد في هذا الفلم أو المسلسل المتحرك أو ما يقدم للأطفال، لن تجد في الغالب منارة مسجد، أو مكاناً للصلاة، أو دعوة إلى العبادة، أو تسمية، أو ذكر لله، أو حجاب أو ستر، فلن تجد شيئاً يقرر الحياء والبعد عن الرذيلة.
بعض المسلسلات التي شغل بها الأطفال تجد فيها طفلاً يحضن طفلة فيجهدها، وربما حصل له ما حصل، انشغال لهؤلاء الأطفال بالألعاب (الإلكترونية) وهي لعبة يظن البعض أنها درجة من التطور، نعم، إنها تطور ولكنه في اتجاه آخر، الألعاب (الإلكترونية) ما هي إلا لعبة جيدة لسحب أموال الناس، فخذوا على سبيل المثال ألواناً وأنواعاً من الأفلام والأشرطة التي توجد عبر هذه الألعاب سلبت عقول الصغار، لا يجد الطفل مساحة في عقله لكي يحفظ آيات، أو يحفظ أحاديث، ائت بشباب أشغلت مساءه في غير الإجازة بهذه الأفلام التي تسمى (الإلكترونية) هل سيبقى في قلبه ميل للقرآن أو ميل للسنة، أو ميل للأذكار والأوراد والآداب؟ وإني لأعجب عجباً بالغاً، هناك مسلسل متحرك للأطفال اسمه:(سلاحف نينجا) فهذا لم يقف عند حد الرسوم المتحركة، بل هو أيضاً موجود في الألعاب المتحركة، بل وجدت أحذية باسم:(سلاحف نينجا) وبناطيل، وقمصان، وملابس، وحقائب، ومساطر، وأدوات هندسية، وآلات كتابية، الطفل الذي لا يجد هذا يشعر بشيء من القصور، لأن أنداده وأمثاله من الأطفال يملكون هذا ولا يملكه، وربما أثقل كاهل والديه، وأحرجهم حتى يشتروه له، على حساب التزامات الأب المتعددة من غذاء وسكن وطعام ودواء وغير ذلك.
وفي الجملة فغالب من ذكرنا -أيها الأحبة- قد اشتغلوا بما حرم الله عما أوجب الله، واشتغلوا بما يجر إلى حرام، أو بما يصرف عن طاعة الله، واشتغلوا بما لا يسألون عنه عما سيسألون عنه وسيحاسبون عليه، وتقول القاعدة الفقهية:"الاشتغال بغير المقصود إعراض عن المقصود".