للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهادة الأعمال]

الحمد لله الواحد الصمد على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل، والند والنظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى وتجنبوا سخط ربكم فإن أجسامكم على وهج النار لا تقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى.

اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

معاشر المؤمنين: إن عليكم شهادة عظيمة من خالقكم، وملائكة ربكم، ومن أنفسكم، ومن الرسول الذي بعث في أمتكم، فاتقوا الله حق التقوى، وراقبوا أنفسكم في أفعالكم وأعمالكم وأقوالكم، واعلموا يا عباد الله! أن أعمالكم شاهدة عليكم، اعلموا أن العمل شاهد على صاحبه، وأن الأعمال هي من أعظم الشهادات على صاحبها، وشهادة العمل هي: شهادة المآل والمنقلب والنتيجة، فمن كان مآله ومنقلبه وخاتمة أمره إلى السعادة، والخلود في الجنة والرضوان والنعيم المقيم فعمله شاهد له بهذا، ونال فضل الله ونعيمه برحمة الله ثم بعمله، ومن كان من أهل الشقاوة والعذاب المقيم، والخلود في الجحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، فإن عمله شاهد عليه بحكم المنقلب والمآل بأفعاله وأعماله: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر:٤٢] ما الذي جعل المجرمين في سقر؟ {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر:٤٣ - ٤٧].

إذاً يا عباد الله! أعمالهم سبب وشاهدة على مآلهم ومنقلبهم، فاتقوا الله في أعمالكم وأفعالكم.