للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سلبية الآباء في إشغال أبنائهم]

عباد الله: بقي مسألة خطيرة، والكلام عن جوانب تربية الصغار له جوانب شتى، والحديث عنه يطول، بقي مسألة أو مسألتان، أما المسألة الأولى فهي أن بعض الآباء إذا شكا من كثرة كلام ولده أو كثرة أسئلته فكر في طريقة سلبية للحل، واعلموا أن كثرة كلام الطفل وكثرة أسئلته ليس أمراً غريباً، بل هي فرصة التوجيه والتربية والتعليم عن طريق السؤال والجواب، بعض الآباء حينما يشكو من هذه الظاهرة، في تلك المرحلة من مراحل نمو ولده، ماذا يفعل؟ يشتري جهاز فيديو، ويشتري خمسين أو عشرين فيلماً من أفلام الكرتون كما تسمى، أو الصور المتحركة، ثم يضعها لهذا الطفل، ويقول للخادمة: إذا استيقظ، فاجعلي له هذا الشريط، فإذا انتهى فاجعلي له هذا الشريط، وعند ذلك من الذي يربي الطفل؟ إنه الشريط، من الذي يوجه الطفل؟ إنه فلم الفيديو، من الذي يعلم؟ إنها الصور المتحركة، هذه جريمة تربوية يفعلها ويجنيها كثيرٌ من الآباء على أبنائهم، فإذا قارب الولد دخول سن الدراسة وجد الأب عند طفله عزوفاً عن التعليم، ورغبة في الدلال، وحباً فيما يشتهي، وكراهية لما هو مقبلٌ عليه من التربية والتعليم، ثم يقول: هذا ولدٌ سيماه الفشل، هذا ولدٌ ضعيف، هذا ولدٌ كذا، ونقول بصريح العبارة: الفاشل أبوه، والضعيف أبوه، والمسكين أبوه الذي جعل الأفلام المتحركة هي التي تربيه، إنني أنصح كثيراً من الآباء أن يرفعوا هذه الوسيلة عن أبنائهم، إنها والله وسيلة مدمرة وفتاكة وقاتلة، إنها تهدم ما يبنى من العقائد، وتكسر ما ينشأ من التربية.

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

عودته على هذه الأفلام وعلى هذه الصور المتحركة، كيف ترجو منه احتراماً للأذان يوم أن يرفع؟ وكيف ترجو منه حباً للصلاة يوم أن ينادى إليها؟ وكيف ترجو منه حباً وبراً ومعاملة طيبة وأنت الذي قدمت له السم الزعاف بيدك؟ فمن وقع في هذا فليرفعه عن ولده، لا بأس أن بعض الآباء يحتاجون إلى هذا الجهاز -الفيديو- وهو جهازٌ كسائر الأجهزة؛ وإن كان غلب في هذا الزمان استعماله في الضلال والباطل، لكن بعض الآباء قد يقدم هذا الجهاز ويجعل فيه أفلاماً عن تعليم اللغة العربية، وتعليم الأرقام، وتعليم العمليات الحسابية، لا بأس بهذا، ما دام الأب موجوداً ومراقباً ومطلعاً وشاهداً وحسيباً على ما يحدث وعلى ما يعرض أمام ولده، فإذا انتهى الدرس أو المادة، عند ذلك أغلق الجهاز حتى لا يكون وسيلة إلى دس الأشرطة الخفية بين الجارات والفتيات والأطفال والأصدقاء، لكي يُنظر بعد هذا الدرس إلى ما لا تحمد عقباه، وما لا يجوز النظر إليه.