للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة من خلق البشر]

يا أحبابي: أتظنون أننا خلقنا من أجل أن نشرب ومن أجل أن نأكل وننام؟ أتظنون أننا خلقنا لهذه المتع والملذات؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:١١٥] هذا كلام الله {فَتَعَالَى اللَّهُ} [المؤمنون:١١٦] يعني: الله أجل وأكرم من أن يخلقنا عبثاً: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون:١١٥] ما ظنكم لو أن تاجراً من التجار استقدم ألف عامل من كوريا، وألف عامل من اليابان، وألف عامل من الصين، أي ثلاثة آلاف عامل وجعلهم في الكنبات ومواقع شركات، ثم بعد ذلك لما جاءوا واجتمعوا ما أعطاهم عملاً معيناً، أخرجوا لهم تأشيرات وفيز ونقلتهم الطائرات، واستقبلتهم العلاقات العامة في الشركة ثم أتوا بهم وأدخلوهم في المخيمات والكنبات وتركوهم هكذا، سبحان الله! ثلاثة آلاف عامل بكل تكاليف استقدامهم ونقلهم وتذاكرهم وتأشيراتهم؛ ثم بعد ذلك تتركهم عبثاً وسدى، هذا مجنون!! هذا ليس برجل أعمال!! هذا ليس بمخطط أبداً!! إن الشخص لا يستقدم عاملاً براتب بخمسمائة ريال إلا وقد أعد له ألف شغلة، إن عجز عن هذه؛ أشغله في الأخرى.

فإذاً أتظنون أن الله خلق هذا الخلق بمليارات البشر عبثاً هكذا فقط يأكلون، ويشربون {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ * وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٧].

أيها الأحبة! إننا نغفل عن قيمة الزمن، والواقع يؤكد أن كثيراً من إخواننا المسلمين وأخواتنا المسلمات غافلون عن إدراك قيمة العمر وهذه الدقائق والساعات، إن الكثير غافلون عن إدراك الحكمة من وجودهم في هذه الحياة، نعم إن الشيوعيين والدهريين والذين لا يعلمون لأي حقيقة وجدوا يجهلون ذلك، لكن المسلم يعلم.

ذلك الإلحادي المستهتر المستهزئ الذي يقول:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

سأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقاً لست أدري؟

ولماذا لست أدري لست أدري؟.

وعمرك ما تدري ولن تدري إن لم يكن لك دراية من كتاب الله ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، لكننا ندري من أين جئنا، وندري إلى أين نتجه، وندري ما الذي ينتظرنا إن أحسنا العمل، وندري ما الذي يدركنا إن أسأنا السعي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.