للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إرشادات لمن أراد أن يتوب]

السؤال

أرجو من فضيلتكم الإجابة على هذه الأسئلة: السؤال الأول: إنسان أسرف على نفسه بالمعصية، ويريد أن يتوب، فما هي الإرشادات التي توجهونها إليه؟ وهل يقبل الله توبة هذا الإنسان؟

الجواب

أما التوبة فلا شك أن بابها مفتوح ما لم يغرغر العبد -أي: تصل روحُه الحلقومَ- أو تطلع الشمس من مغربها.

باب التوبة مفتوح، هذا أمر واضح، ومن أرجى الآيات في كتاب الله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر:٥٣]: وليس أذنبوا فقط: {أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:٥٣].

{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء:١١٠].

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨].

فمن أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي، وفتح الله قلبه للتوبة والاستقامة والهداية، فإني أنصحه بمسائل: أولها: تخلص من جميع الذنوب والمعاصي: بعض الناس يتوب من جميع الذنوب، إلا أربعة أشرطة يضعها تحت الفراش، ويتوب من جميع الأفلام، إلا شريطين يضعها فوق الدولاب، ويتوب من جميع المجلات إلا أربع صور يضعها تحت الدرج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:٢٠٨] ادخل في الإسلام والالتزام كافة، واترك المعاصي جملةً وتفصيلاً:

اعتزل ذكر الأغاني والغَزَلْ وقُلِ الفصل وجانِب مَن هَزَلْ

ودع الذكرى لأيام الصبا فلأيام الصبا نجمٌ أَفَلْ

إن أَهْنا عيشة قضَّيتَها ذهَبَت لذاتُها والإثمُ حَلْ

يا أخي الشاب: يا من تقول: إنك أسرفت على نفسك بالذنوب والمعاصي! تذكَّر ذنوبك ومعاصيك التي عصيت الله بها، هل تجد لذتها الآن؟! لذة المعصية لحظة ثم تزول ويبقى الإثم، لذة المعصية ذهبت، وبقي إثمها.

وأقول لكم: يا معاشر الوجوه النيِّرة الضاحكة المستبشرة! أنتم صليتم صلاة القيام في رمضان، وصليتم التهجد في رمضان، هل تشعرون الآن آلاماً في أقدامكم من طول القيام؟ لا.

ذهب التعب وبقي الأجر.

فهي نعمة عظيمة.

ونقول لكل من تعلق بالذنب: إن لذة الذنب لحظة، وفضيحة الذنب أطول، وخزي الندم أشد، وينتهي كل شيء.

ونقول لمن أطاع الله: تعبتَ ساعة، فنسيتَ التعب، وبقي أجره.

فنقول أولاً: تخلص من جميع ما عندك، بعض الشباب يتوب وتاركٌ له اثنين أو ثلاثة خط رجعة، لا.

تُب وتخلص من جميع الذنوب والمعاصي من: أفلام أشرطة مَلاهٍ مسلسلات حقوق تردها إلى أصحابها.

زيادة على ذلك: بعض الناس يتوب؛ لكن الشلة هي الشلة، السهرة هي السهرة، العبث هو العبث: نعم؛ يقول: أنا بفضل الله، ما في بيتي أفلام فاسدة، ما عندي أغانٍ، ما عندي مجلات؛ لكن الشلة هم الشلة، نجلس معهم، ويجيئون بأفلامهم، ويجيئون بأشرطتهم، ويجيئون بأغانيهم، ويجيئون بلهوهم.

لا يمكن هذا إذا تبت إلى الله، حتى الصحب الذين اقترفت معهم المعصية استبدلهم بأصحاب آخرين، لا أقول لك: العنهم، وسبهم واشتمهم، لا.

نقول: جلساء السوء استبدلهم بجلساء صالحين، واسأل الله لزملائك السابقين الهداية: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا} [النساء:٩٤].

يا أخي الكريم: أنا وأنت اهتدينا اليوم، فلماذا نعادي الذين لا يزالون أهل الذنوب؟! لماذا لا ندعو الله لهم؟! ألسنا بالأمس كنا مذنبين فمنَّ الله علينا اليوم؟! فلنسأل الله لهم الهداية لعل الله أن يمن عليهم الليلة أو غداً.

الأمر الثالث: الالتزام بالعواطف لا ينفع: إذا استقمتَ، تخلصتَ من سائر الذنوب والمعاصي، واستبدلت جلساء السوء بأهل الخير، فعليك بطلب العلم، (قل: آمنتُ بالله ثم استقم) عليك بالتوحيد بالعقيدة بحفظ المتون بقراءة القرآن بقراءة الكتب النافعة، هذا ينفعك.

أما بعض الناس يظن أن الالتزام: باسم الله، الإخوان تدَيَّنوا ونريد أن نَتَدَيَّن معهم، نريد أن نَتَدَيَّن مع الإخوان.

وكيف نَتَدَيَّن مع الإخوان؟! نروح نقصِّر ثيابنا، ونوفِّر لحانا.

لا.

هذا ليس هو التديُّن.

التدين: اتباع السنة، عدم الإسبال، توفير اللحى، إكرام اللحى، عدم سماع الملاهي.

وصميم التدين: طلب العلم عبادة الله على بصيرة معرفة التوحيد شروط (لا إله إلا الله) نواقض (لا إله إلا الله) معرفة توحيد الألوهية، معرفة توحيد الأسماء والصفات إلخ.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.