للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حفظ الأمن مسئولية الجميع]

أيها الأحبة: إن نعمة الأمن ومسئولية الأمن ليست مسئولية الحاكم وحده، ولا سلاح الحدود وحدها، ولا خفر السواحل وحده، ولا مسئولية العالم وحده، بل مسئولية الجميع، والأمن أمانة، ومن رأى أمراً فيه خللٌ في الأمن فسكت عليه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:٢٧] إياكم أن تظنوا أن مسألة الأمن هينة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام:٦٥].

نسأل الله أن لا يلبسنا شيعاً، أسأل الله ألا يذيق بعضنا بأس بعض، أريدها بكل جرأة، وبكل صدق بمن شكك في هذا الكلام أن يركب سيارته إن استطاعت أن تمشي على أحجارٍ ورمال لكي تستعرض الحدود أو جهةً من الحدود، كم بينك وبين من حولك من البلاد التي تربصت بك، وتفرحت بك يوم أزمة الخليج، ودنت فوهات الدبابات عليك، ونصبت الصواريخ على مدنك.

فيا عبد الله! أتريد أن يصبح الحمى مكاناً لكل قبرٍ من دون الله يعبد؟ أو مكاناً لكل ضريحٍ ينحر له؟ أو مكاناً لكل صوفي مخرف يتمسح الناس بدعوى بركته، أو بزعم دفعه للشر أو جلبه للخير، احفظوا ما أنتم به من الخير، واجتهدوا وضعوا أيديكم في أيدي علمائكم وولاة أمركم ودعاتكم، فاحفظوا ما رأيتم من خير وزيدوه، وأنكروا ما رأيتم من شرٍ وأنكروه، وإن الأمن قبل كل شيء هو في النفوس، فمن كان يحمل نفساً آمنة جمع مجتمعاً مؤمناً، ومن كان يحمل نفساً خبيثة جمع مجتمعاً خبيثاً فزعاً، قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فيما يرويه فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: (ألا أخبركم بالمؤمن: من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) أخرجه أحمد بإسنادٍ صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه).

أيها الأحبة: لا نظن أن الأمن الذي نحن فيه هو بأسلحتنا أو بعتادنا أو بجنودنا ودباباتنا، فالأمن من عند الله أولاً، وما تلك إلا أسبابٌ قد سنها الله جل وعلا ثانياً، وإذا كثرت الذنوب وفشت المعاصي وظهرت المنكرات، وسكت الغيورون، وقل الآمرون وتباهى الفجار والمفسدون فلا تسل عن الفساد.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٩} [الروم:٤١] ويقول جل وعلا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره، اللهم عليك بالمرجفين والمنافقين، اللهم من أراد بنا في هذه البلاد فساداً، اللهم من أراد بعلمائنا فتنة، اللهم من أراد بولاة أمرنا مكيدة، اللهم من أراد بشبابنا انحرافاً، اللهم من أراد بالفتيات اختلاطاً في الوظائف والتعليم، اللهم أشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واصرفه عنا، وأبعده عن أرضنا يا رب العالمين.

اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، اللهم اكفنا شرارنا، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، ربنا لا تشمت بنا عدواً ولا تفرح علينا حاسداً.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر المجاهدين، اللهم فرج هم المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، وفرج عن المسجونين أهل الزنازين واحفظ ذرياتهم وأسرهم يا رب العالمين، وانتقم للمظلومين من الظالمين، وعجِّل نصرتك لعبادك المستضعفين يا أرحم الراحمين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، اللهم ارض عن الأربعة الخلفاء؛ الأئمة الحنفاء، وعن بقية العشرة وأهل الشجرة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.