للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مواقف محرجة أخرى]

كذلك مما يطلبه المستمعون وهو موقف غريب عجيب في إحدى المحاضرات الشيخ يوسف يذكرني بأحد المواقف لعله كان قد سمع به.

نعم.

يا أخي الكريم! في إحدى المحاضرات يمكن أن نقوله من المواقف المحرجة: كنا في مسجدٍ وتعرفون الشباب من حماسهم يتقدمون ويتحلقون حول المحاضر حتى يصبح الذين في الصف الأول يصبحون في الصف الثاني أو الثالث يعني يتقدم على الصف الأول صفان من الشباب ويتحلقون حول الإمام، فلما انتهت المحاضرة وجاء المؤذن ليقيم الصلاة إذ بالمؤذن بينه وبين الميكرفون تقريباً حوالي صفين من الشباب فقال: (هو دين ولا تين)؟ كنا في الأول وصرنا في الثالث، فحقيقة مكثت أضحك هنيهة من هذا المثل الجميل (هو دين ولا تين)، قلنا له: في الحقيقة إنه دين بإذن الله جل وعلا، والمحاضرة من الدين.

كذلك من الأمثال الجميلة التي يمكن أن يضرب بها المثل لبعض الشباب، ولو كنا في مجلس لربما تأدبنا أو كان من واجبنا أن نتأدب في المسجد، لكن ما دمنا في الخلاء فلا بأس أن نمرح ونضحك معكم، وأسأل الله أن يجعل ذلك في موازين أعمالنا وإياكم جميعاً في الحسنات بإذن الله.

في إحدى المحاضرات كنا نضرب مثلاً لبعض الشباب الذين يقولون: إننا لا نستطيع أن نترك هذا المنكر أو لا نترك هذه الخطيئة.

فنقول لهم: يا أخي الكريم! يا أخي الشاب! إن المعصية جزء كبير منها نوع من التعود، حتى إن بعض الشباب أصبح يمارس المعصية دون لذة بالمعصية ولكن لمجرد التعود عليها، فتجده والعياذ بالله يمعن في المعصية مرة ومرتين وثلاث وأربع وربما الأولى فيها لذة، ولكن الثانية والثالثة والرابعة هي في الحقيقة من باب التعود، ومن تعود على شيء والعياذ بالله وخاصة من أمور الشر فإنه يصبح مدمناً له فيفعله وربما مات عليه وإنا لله وإنا إليه راجعون.

على أية حال يضرب مثلاً قد يكون حقيقياً والظاهر أنه من باب الخيال أو الدعابة على أن التعود له أثرٌ عظيم حتى على البهائم: فيروى أن رجلاً كان عنده حوش، وكان في هذا الحوش أنواعٌ مختلفة من الغنم، نعيمي وبربري وعنز وأشكال مختلفة، وعددٌ لا بأس به من هؤلاء، فذات يوم تسلط بعضهم على بعض يتناطحون ويتسابون ويتشاتمون حتى ارتفع صوت رغائهم وقلبوا القدور وآذوا الجيران، فالتفت الرجل يطل من صفحة الدار على غنمه فوجدهم في معركة عظيمة، وأراد أن يسكتهم فما استطاع أن يصل إلى ذلك سبيلاً، فقام من شدة غيظه وحنقه على غنمه أن قام وفتح البوابة وركبهم جميعاً في (الونيت) وراح يفحط بهم ويدور ويرقى بهم محطات ويريد أن يقلبهم يميناً ويساراً وفرامل وسحب جلنط، (حاس بهم حوساً) حتى داخت رءوس الغنم وجاء بها في الليل وفتح الباب وكل واحد قد مسك جداراً ونام، ما استطاعوا أن يطيقوا شيئاً بعد تلك التجزيعات والتفحيطات والجلنطات ونحو ذلك، فلما جاء من الغد ما سمع للغنم صوتاً أبداً لا طبيعي، ولا صوت إزعاج، فقام وطل عليهم من السطح لينظر أين هن فلم يجدها في الحوش، فالتفت إلى الشارع فوجدها قد ركبت في السيارة ينتظرنه.

فعلى أية حال: من تعود على شيء أدمنه، حتى الغنم تعودت التفحيط وأصبحت تخرج من الحوش لتنتظر ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله، وينبغي أن تبلغوا عن مثل هؤلاء إذا رأيتموهم.

وهذا المثال أيضاً أو هذه الطرفة تضرب في شأن الذين كانوا فنانين وتركوا الفن ولكن لا يزال بعض أتباع الفنانين مصرين على الفن، تجد حتى هذا في الشيوعية والصنم الشيوعي هوى، الشيوعية سقطت، والفكرة انهارت وما عاد لها مبادئ وأسس، وتجد الناس لا يزالون يترنمون بـ الشيوعية.

كذلك بعض أهل التمثيل والسينما تابوا وعادوا ورجعوا ولا يزال بعض أتباعهم يمجدون السينما والتمثيل ويصيحون عليها مرات ومرات، فبهذا الأمر يضرب مثلٌ غريب.

يقال: إن ثلاثة كانوا في مطعم وأحدهم يتأهب للسفر، فجلسوا في هذا المطعم يأكلون ريثما يحين موعد انطلاق القطار، فما هي إلا لحظات حتى سمعوا صافرة القطار وهو يوشك أن ينطلق ويتحرك، فما كان من هؤلاء الثلاثة إلا أن أسرعوا سرعة عظيمة يريدون أن يلحقوا بالعربة، فركب اثنان منهم ورجع الثالث يضحك ضحكاً غريباً يقهقه، فقابله رجل وقال: لماذا تضحك؟ قال: أصلاً أنا الذي سأسافر وهؤلاء جاءوا لكي يودعوني.

فعلى أية حال: هذا الذي هو صاحب الفن قد رجع تائباً لكن المودعين قد ركبوا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.