للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب احتلال اليهود لأرض فلسطين]

عباد الله! أسألكم سؤالاً: لماذا اختار اليهود فلسطين أرضاً يجعلونها خنجراً يطعنون بها وحدة المسلمين لكي يقيموا عليها دولة لهم, أليس اليهود أغنى أمم الأرض؟! بلى والله! ألا يوجد على سطح هذه الكرة الأرضية من الصحاري والقفار, والبيداء الشاسعة والأراضي ما يكفي لإقامة وطن لليهود, يبنونه بأموالهم على أحسن طراز وأحدث تقدم؟ لا يعجزهم ذلك من قلة المال أبداً, لا يشكون قلة المال حتى يقيموا بلداً في صحراء نيفادا , أو يقيموها في مكان بعيد, ولو طلبوا من دولة غربية أو شرقية أو من النصارى أو من وافقهم رقعة تقام عليها بلادهم أو لو سعوا إلى ذلك لوجدوا إليه سبيلاً.

فلماذا يأتون إلى هذه الرقعة؟! ولماذا يقيمون وطنهم في هذه الرقعة؟! لأن كتابهم يقول: " إن فلسطين أرض الميعاد.

إذاً: فاليهود يعملون بعقيدتهم, وبدينهم, وبتوراتهم, وبتلمودهم.

معاشر المؤمنين! نحن أولى أن نعمل بشريعة ماضية من أولئك الذين يعملون بشريعة منسوخة, ونحن أولى أن نعمل بقرآن محكم من أولئك الذين يعملون بتوراة محرفة, ونحن أولى أن نكون أقرب إلى تعاليم ديننا وعقيدتنا.

معاشر المسلمين! إن اليهود لن يرضوا ولن يقفوا عند حد معين, ولكنها سنة الله جل وعلا: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} [الإسراء:١٠٤] لعل هذا أوان اقتراب مذبحتهم وملحمتهم ونهايتهم وما ذلك على الله ببعيد.

وإن كان يجرح فؤادي أن أسمع إذاعة بصوت عربي أو أقرأ جريدة بحرف عربي تقول: إن عند اليهود ثلاثمائة رأس نووي, {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:٣٦] هل يخوف المسلمين في العالم الإسلامي بثلاثمائة رأس نووي؟! من الذي خلق اليهود؟ الله، من الذي خلق عقولهم؟ الله، من الذي سخَّر لهم هذه المادة الذرية؟ الله, من الذي جعل هذه الصواريخ تنطلق على نظام وسنة عملية؟ الله, أليس الذي قدر على ذلك كله قادر على أن يغير شيئاً من هذا كرامة لعباده المؤمنين؟ أليس الذي جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم قادر على أن يجعل الصواريخ تعود إلى قلوب اليهود؟! بلى والله, قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر:٤٣] {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً} [النمل:٥٠] فكان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم أجمعين, ويقول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق:١٥ - ١٧] ويقول الله جل وعلا: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:٤٦].

نعم.

إن لهم كيد, وإن لهم مكر, وإن لهم تخطيط بعيد المدى, أول ما فكر اليهود في إقامة هذا الوطن الذي يجمع شتات اليهود في أولى القبلتين, أول ما فكر اليهود في هذا كان عام (١٨٤٨م) أي: قبل وعد بلفور بمائة عام, ومضى العمل على قدم وساق, مضى العمل جاداً من خلال بعض المفكرين والأساتذة والإرساليات والمنظمات والشركات, لكي يكتبوا تقريراً, ويستقرئوا الواقع عن إمكانية غرس هذا العضو الغريب بين المسلمين، فقالوا: لا يمكن أن يغرس عضو غريب في بدن صحيح إلا إذا خففت المناعة في هذا البدن, فسعوا إلى ذلك ونشروا الرذيلة وروجوا الدعارة, وأنتجوا كل ما من شأنه أن يقطع الأواصر وأن يكسر العلاقات, ويهدم الحياء, ويخرج المرأة, وينبت الفاحشة؛ حتى أصبح مجتمع المسلمين مخدراً.

وحينئذٍ أمكن زرع عضو غريب في بلاد المسلمين, وبعد مائة عام من التخطيط والتفكير ظهر أول حرف يقول في وعد بلفور: " بوطن قومي لليهود في فلسطين "! وماذا بعد ذلك؟ لا زال العمل على قدم وساق ومضت الأمة في مراحل دامية من المذابح والقتل والمواجهات العسكرية, ودخلتها الخيانات والعمالة, ودخلها ما دخلها مما فضحه التاريخ.

ولا تستر الشمس بالبراقع! حتى بلغ الحال إلى أن أصبح إخواننا الفلسطينيين يشردون في الأرض -يا عباد الله- والله ما سافرت دولة إلا ووجدت واحداً من الفلسطينيين هناك, أين أرضكم يا إخواننا؟ أين بلادكم يا إخواننا؟ في الصين الشيوعية وجدت فلسطينيين! في كمبوديا وجدت فلسطينيين! في مختلف بقاع العالم وجدت الفلسطينيين! أيتام على مائدة اللئام! أين الولاء والبراء؟ أين قوة الإيمان؟ أين دم التوحيد الذي يسري في القلوب.

يا أمة الإسلام! كم من فتاة بقر بطنها وهي حامل! وكم من مسلمة انتهك عرضها أمام والديها في السجون؟ وكم من صغير قتل بأفتك ألوان التعذيب أمام والديه؟ وكم من رجل رأيناه يموت غيظاً, ويموت كمداً, ويموت من قلة الحيلة، وهوانه على الناس، وغفلة إخوانه المسلمين.

يا معاشر المسلمين! أين إيماننا؟ أين توحيدنا؟ أين عقيدتنا؟ أمسلمون بالكلام, أم بالتوابع, أم بالجنسيات؟ هذا نداء للعالم الإسلامي كله: " لا تنسوا فلسطين ".

إن الله جل وعلا وعدنا بأن تعود فلسطين من جديد, إن الله وعدنا أن نذبح اليهود شر مذبحة في فلسطين حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! ورائي يهودي تعال فاقتله.

يا أخي الكريم! ما شعورك لو أن لصوصاً طردوك من بيتك وأخذوا يتفاوضون على بيع دارك, وأنت تنظر إليهم, هل يبقى في عروقك دم يسيل أو يجري؟ هل يبقى لقلبك خفقة أو نبضة؟ هل يبقى لعقلك مساحة للتفكير؟ هل يبقى في قدمك جهد لتتحرك به؟ يا أمة الإسلام! لا تنسوا فلسطين , ولا تنسوا الجهاد في فلسطين؛ فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة, إن الذي جعل من الأفغان الحفاة العراة العزل واجهوا روسيا بخيلها وهلمانها وصواريخها ودباباتها وطائراتها وفرق التدخل السريع منها والصاعقة والكمندوز الذين نزلوا بهم في أرض أفغانستان , وإن الله جل وعلا يوم نصر الأفغان على هذه الدولة الظالمة الباغية وتحطمت فذلك بيان لوعد الله وذلك تحقيق لوعد الله: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) عادوا أولياء الله في أفغانستان , فانقلبت الدائرة على رءوسهم بانقسام بلادهم وذوبان نظريتهم وذوبانهم وسيرهم تحت معسكر آخر, إن الذي نصر أولئك ليس عاجزاً بل هو القادر جل وعلا على أن ينصر أطفال الحجارة, وعلى أن ينصر المسلمين, وعلى أن ينصر الفلسطينيين, وعلى أن ينصر الشباب الصغار, إن الله جل وعلا قادر على أن يجعل هؤلاء خنجراً في قلب اليهود.

اللهم ارحم الفلسطينيين في كل مكان، اللهم ارحم إخواننا الفلسطينيين، اللهم إنك تعلم أن بلادهم تباع وهم يشردون، اللهم إنا نسألك نصراً من نصرك, ونسألك اللهم نفحة تقويهم بها, وتثبتهم بها، اللهم اجمع شملهم، اللهم وحّد جهودهم صفوفهم, وسدد رصاصهم, اللهم بك وحدك لا شريك لك، اللهم أنت المستعان وإليك المآب وعليك التكلان لا يكمل قدر إلا منك, وما قدرت إلا بتمام حكمة لأنك لا تقدر عبثاً, وقدرت بتمام العدل لأنك لا تقدر ظلماً, ورحمتك سبقت غضبك, ووسعت كل شيء.

اللهم ارحم إخواننا في فلسطين , وارحم الفلسطينيين في كل مكان، اللهم اهد شبابهم واجمع كلمتهم, ووحد شملهم، اللهم ردهم إلى أرضهم وأسكنهم في بلادهم, وأقم كتابك وسنة نبيك على أرضهم يا رب العالمين.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.