للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حث على العلم وأهميته]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله لا شك أن من حرم القراءة والكتابة فقد حرم خيراً كثيراً، ولا يدرك هذا الحرمان إلا إذا تقدمت به السن وانصرف عنه الأحباب والخلان فبدأ يمضي أوقاتاً كثيرة من أيامه ولياليه منفرداً وحيداً تدور به الوساوس والهواجس، ولو كان من المتعلمين لكان استغل فراغه ووقته وبقية عمره في قراءة كتاب الله جل وعلا، تجده يختم القرآن في كل يومين أو في كل ثلاثة أو أربعة، ما دام مستطيعاً للقراءة والكتابة، ما دام يملك وقتاً لهذا، فهو في خير، ومن كان لا يقرأ ولا يكتب ويعرف حاجته إلى كتاب الله وفضل تلاوة كتاب الله، وفقره إلى درجات وحسنات من ثواب الله وفضله فليبادر إلى تعلم القراءة والكتابة.

إن من فاته التعليم وقت شبابه يفوته خير كثير، لكن يستطيع الكثير باجتهادهم ومواصلتهم أن يحققوا جزءاً كبيراً مما فات وما مضى، يقول الشافعي أو ينسب عنه:

من لم يذق ذل التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته

ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه أربعاً لوفاته

أيها الشباب لا تفرطوا في العلم ولا تتهاونوا به، واجعلوا حياتكم جميعها علماً وعملا، فائدة وتطبيقاً واستقامة لما علمتم.

أيها الإخوة في الله إذا كان هذا هو اليوم العالمي لمحو الأمية، فإننا بحاجة إلى أيام عالمية نمحو بها أمية العقائد في أمم يظنون الطواف بالقبور والذبح لها مع النذور، في أمم يظنون استغاثة الموتى، وندبهم ودعاءهم وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات وشفاء المرضى، يظنونه من أعظم القرب، يظنون الاعتقاد بالأولياء وتعظيمهم ورفعة منازلهم فوق منزلة النبي وغيره، يظنون ذلك من صميم دينهم، فهؤلاء أمم بحاجة إلى رفع أمية العقيدة عنهم.

إن أناساً يشكون من أمية العقائد يعبدون الله بغير ما شرع، ويتعبدون الله على ضلالة، وإذا مات الكثير منهم على هذه الحال رغم كده ونكده وتعبه ونصبه فإنه قد يتحقق فيه قول الله: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} [الغاشية:٣ - ٤].

يطوفون ويذبحون ويبذلون أموراً كثيرة يريدون الشفاعة يريدون الزلفى يريدون القربة، وما تزيدهم من الله إلا بعدا.