للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فتنة الأولاد]

أحبتي في الله: الله عز وجل قد بين لنا أن أولادنا نعمة أو نقمة: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن:١٥] {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ} [التغابن:١٤] هذا في جانب الخطر أن يكون الأولاد فتناً وأعداء، وفي الجانب الآخر: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور:٢١] {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤] فالولد إما أن يكون قرة عين يسرك أن تلقاه في الدنيا وتجتمع به في الجنة في الآخرة، وإما أن يكون فتنة وعدواً تقول: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف:٣٨].

كيف يكون هذا وكيف يحصل؟ تأمل أخي الحبيب!! أن الله سبحانه وتعالى جعل الأبناء والأولاد والبنين والحفدة زينة في الحياة الدنيا وبهجة في المجالس، وعوناً على مشاق الحياة وشدائدها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:٤٦] بل ما قيمة الحياة بلا ذرية وأولاد؟ إنها شاقة وعسيرة بل إن البيت الذي لا تسمع فيه للأطفال صوتاً ولا عبثاً كأنه مقبرة ليس بها ساكن.

لولا بنياتٍ كزغب القطا رددن من بعضٍ إلى بعض

لكان لي مطرف واسع في الأرض ذات الطول والعرض

وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض

لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمضِ

الأولاد الهبة السماوية، المنحة الربانية، سبحان من وهبهم وأنعم بهم علينا! سبحان من أعطانا! إذا أردت أن تعرف عظمة وجلال هذه النعمة فتخيل نفسك واحداً من أولئك الذين ابتلاهم الله بالعقم، يذهبون من طبيب إلى طبيب ومن حكيم إلى آخر طلباً للولد، تخيل أنك تدخل منزلك وكأنك تدخل قبراً لا تسمع به كلمة من طفلٍ يناديك: (يا أبتِ أو يا بابا) سبحان المالك المتصرف: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى:٤٩ - ٥٠].