للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتشار الزنا]

كذلك أيها الأحبة: تقول عائشة رضي الله عنها (يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث) وهو الزنا وما يدعو إلى الزنا والعياذ بالله، ومن المؤسف أن بلاد المسلمين إلا ما رحم الله قد انتشر فيها هذا الأمر، حتى أصبحت مواخير الدعارة، وحانات الفجور، وأماكن الرذيلة، والعلب المغلفة موجودة في كثير من بلدان المسلمين، ولنعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كثر الخبث) فيه إشارة إلى الزنا، والزنا لا يكون إلا باستهتار المرأة بحيائها وحجابها وقرارها في بيتها -خروجها إلى الشارع- فإذا رأيتم المرأة زاحمت الرجال في الطرقات والأسواق، وفي الوظائف والتعليم، فاعرفوا أن هذا طريق إلى كثرة الخبث وهو الزنا: (ما خلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) ومن هنا تبقى صيحات الغيورين الأغيار من هذه الأمة؛ من علمائها ودعاتها، من الناصحين لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، تبقى صيحاتهم: حذارِ حذارِ من الاختلاط في الوظائف والتعليم، حذارِ حذارِ من الاختلاط في الوظائف والتعليم، لماذا؟ لأن الاختلاط خطوة إلى كسر جدران الحياء والفضيلة، وبدايةٌ في اللقاءات الجانبية والجلسات المستقلة التي تفضي إلى الزنا والعياذ بالله، فحينما ترى رجلين مع امرأة في مكتب، أو رجلاً مع امرأة في مكتب قاعدين أيخرجان صفراً، أم أن نظرات بعضهم في بعض يتفكرون في خلق السماوات والأرض سبحانك ما خلقت هذا باطلاً؟! لا.

إنما يفكر بعضهم فيما يفكر فيه الآخر من الرذيلة والفساد، والسخفاء السذج، البسطاء الأغبياء، يقولون: لماذا أنتم يا مطاوعة دائماً تفكيركم سيء؟ لماذا أنتم يا مطاوعة! تفكرون بالأمور الشينة؟ لا يا حبيبي! نحن ما قلنا هذا من ذوات أنفسنا، نقوله بقول من لا يقول إلا من وحي {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٤] كلام النبي: {مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) [النجم:٣] يقول: (ما خلى رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما) ثم الشواهد في دول الغرب ودول الشرق كثيرة، ولكن ما أجمل كلمة واحد من المفكرين المسلمين الذي قال: إن ما نراه من دعوة في الإعلام والمجلات والصحف في كثير من دول المسلمين، التي تدعو إلى حرية المرأة، وخروج المرأة، وتحريك النصف المعطل من المجتمع، ليست والله دعوة صادقة لتحرير المرأة، وإنما هي دعوة لحرية الوصول إلى المرأة.

هناك فرق بين كونك تحررها ,وبين كونك تجد الحرية في الوصول إليها، نعم، في المجتمع المسلم لا يمكن أن واحداً من الباب إلى النافذة يكلم امرأة، أو يأخذ معها ويعطي (خير يا طير) هو يقيس أمعها محرم أم لا؟ ما علاقتك بها؟ تجد الإنسان لا يستطيع أن يدخل على بيت إلا وله علاقة، علاقة نسب، علاقة سبب، علاقة مصاهرة، أمر معين وبضوابط شرعية، لكن الذين ضاقت نفوسهم، وكبتت أنفاسهم من هذه الرياحين والعطور الطيبة من أخلاق الإسلام، لأنهم جعلان، والجعلان تهلكها الروائح الطيبة وتؤذيها، أرادوا أن يتنفسوا في الصهاريج، وأن يتنفسوا في أماكن النجاسات والقذارات، ولا نفس لهم إلا بأن يكسروا الحواجز بينهم وبين النساء من خلال مجالات جديدة، اختلاط في الوظائف، في التعليم، في أماكن معينة، ثم بعد ذلك تصبح الفاحشة أمراً عادياً ولا حول ولا قوة إلا بالله، وما دامت المعصية خفية فلا تزال الأمة بخير؛ لأنه لا يوجد مجتمع -أيها الإخوة! - لم تحصل فيه المعصية، حتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وجدت جريمة الزنا، والسرقة، وحصل ما حصل، لكن هل كان هذا أمراً شائعاً؟ هل كان هذا طابعاً عاماً للمجتمع؟ لا.

كانت حالة شاذة ونادرة، فحينما تكون المعصية حالة شاذة ونادرة، والصلاح والطهر والعفاف والخير صفة عامة في المجتمع، مع قيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعند ذلك يحصل الخير للمسلمين بإذن الله، وحينما يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتفتح الأبواب على مصاريعها للاختلاط بين الشباب والشابات، والرجال والنساء، فذلك نذير الهلاك: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢].