للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأيام دواليك]

يا عباد الله! تنبهوا أن الأيام دواليك، فإن لم تفزعوا لنصرتهم ونجدتهم فإن الإنسان مهدد بانقلاب الدائرة عليه، إن لم يشكر نعمة ربه، وإن لم يقم بواجب إخوانه، وإن لم يقم بالواجب الذي فرضه الله عليه تجاه إخوانه من المسلمين، وتذكروا قصيدة أبي البقاء الرندي يوم أن سقطت الأندلس، ودخلها النصارى، وقَتَلوا مَن قَتَلوا فيها، وشَرَّدوا مَن شَرَّدوا فيها، التاريخ يعيد نفسه، ونجد هذه الحادثة تقع على إخواننا المجاهدين في أفغانستان، ويقول فيها: يا غافلاً واسمعوا -معاشر الغافلين- الذين لم يلتفتوا:

يا غافلاً وله في الدهر موعظةٌ إن كنت في سِنَة فالدهر يقظانُ

فجائعُ الدهر أنواعٌ منوعةٌ وللزمان مسراتٌ وأحزانُ

يا ماشياً مرحاً يُلهيه موطنهُ أَبَعْدَ حمص تغرُّ المرءََ أوطانُ؟!

ونحن نقول: أبعد ما فُعل بالمجاهدين! أبعد هذا تغرُّ المرءَ أوطانُ؟!

تلك المصيبة أنست ما تقدَّمها وما لها مع طول الدهر نسيانُ!

كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتلى وأسرى فما يهتز إنسانُ؟!

ماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ وأنتمُ يا عباد الله إخوانُ

ألا نفوسٌ أبِيَّات لها هِمَمٌ؟! أما على الخير أنصارٌ وأعوانُ؟!

يا مَن لِذِلَّة قومٍ بعد عِزِّهمُ أحالَ حالَهمُ جورٌ وطغيانُ

بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم واليوم هم في بلاد الكفر عُبدانُ

لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

فهل في القلوب إسلامٌ وإيمانُ؟! هل في القلوب نجدة لإخوانكم يا معاشر المسلمين؟! هل في القلوب نخوة لإخوانكم؟! هل في القلوب ذرة رحمة لهم؟! يوم أن وقع الزلزال في مكسيكو، وحلَّ البركان في كولومبيا، ثارت الصحافة بأعلى أصواتها، وتحرك الضمير الإنساني لنجدتهم؛ فأين ضميرنا لإخواننا المسلمين؟! هو والله واجب علينا، وفريضة علينا، وحق في مال كل مسلم منا، ولو عرفنا حق المجاهدين، وأدركنا مكان وجوب البذل لهم لأدركنا أن من الواجب على كل مسلم أن يعرف ويقدر قيمة هذا الجهاد، أن يخصص من دخله وماله جزءاً شهرياً لهم، ولو أقل القليل وأدنى اليسير.

فإن القليل مع القليل كثيرُ

هذا واجب لهم علينا، ولا مِنَّة لنا في ذلك ولا فضل، فالله الذي ابتلاهم بهذا، وابتلانا بالنعمة، والله الذي أعطانا، والله الذي أمرنا، فلا قليل ولا كثير منا، بل كل ذلك من فضل الله وحده سبحانه جلَّ وعَلا.

فخافوا الله في أنفسكم وفي إخوانكم معاشر المؤمنين، وابذلوا لهم المعونة، وإن مما يسركم أن يكون معكم اليوم وفي هذه الساعة من مندوبي المجاهدين من سيجمعون تبرعاتكم، وما تجود به أنفسكم لإخوانكم، واجعلوا ذلك دائماً (فإن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل) ولا تستكثروا على الله شيئاً تبذلونه لهم، ولا تستكثروا صدقة صغيرة أو كبيرة، ولا تحتقروا قليلاً أو يسيراً، فإن ذلك محسوب لكم ومُحتسَب في موازين أعمالكم {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} [الشعراء:٨٨].

وفي الحديث: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) فهل تتقون النار ببذل الصدقة والمعونة لهم؟! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم احم حوزة الدين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في أفغانستان، اللهم مكن لهم من نحور أعدائهم، اللهم عليك بالظالمين والمنافقين والمجرمين والخونة يا قوي يا متين! وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.