للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة الشارع العربي والإسلامي]

كذلك أيها الأحبة: من دروس هذه الفتنة: أننا عرفنا ما يسمى بالشارع الإسلامي أو الشارع العربي، وهذه مسألة ينبغي ألا نقيم لها كثيراً، هذا الشارع الذي يمثل كثرة في هذا الزمان، يقول الله جل وعلا: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:١٠٣] {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:١١٦] {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦] كثرة الشارع الإسلامي والشارع العربي هي تلك الشوارع الغوغائية التي كانت تطبل وتظهر وتخرج بهذه المظاهرات، كيف كان موقفها لما أعلن انسحابه، ثم أعلن ضعفه، ثم أعلن تنازله، ثم أعلن استسلامه؟ لكي يقول: انطلت اللعبة على هذه العقول لمدة خمسة وأربعين يوماً، أو سبعة وأربعين يوماً، الشارع الإسلامي ماذا وجدنا؟ إلى متى وأمة الإسلام تقاد بهذه القيادات المطبلة المطنطنة؟ في يومٍ من الأيام طبلت دولٌ غير هذه البلاد لطاغية قام في واحدة من الدول الأفريقية، وقالوا: عادت الخلافة من جديد، وواحدٌ من طواغيت الأمة جاءه العلماء بعد الاستقلال وحرب الفرنسيين، وقالوا: سمعنا أن لك اتصالاً بالفرنسيين، فقال: لا، أنا سأترك هذا الأمر كله، حررت البلاد وأنا أعود إلى مكتبي (مكتب المحاماة الصغير)، ولما طرقوا عليه الباب قال خادمه: إنه الآن يتوضأ ليصلي ركعتي الضحى، ولما جلسوا معه، قالوا: سمعنا أنك ستتركنا يا سيدنا الحبيب، قال: أنا لا أريد الرئاسة والزعامة، وكان يرتب ترتيباً استعمارياً عدوانياً، فلما تولى السلطة شنق العلماء وذبحهم وقتلهم، وهكذا تنخدع شعوب المسلمين بطاغية وراء طاغية.

كم عدد الذين طبلوا لـ جمال عبد الناصر؟ طبلت الملايين، من الصباح: ناصر كلنا بنحبك ناصر، ونعيش ونقلك: ناصر، يا حبيب الكل يا ناصر، وأصبحت الأمة تصيح في ناصر ناصر، وماذا قدم لها ناصر؟ كانت القاهرة تغسل بالصابون من ثراءٍ ونعمٍ فيها، والآن أصبحت فقيرة مسكينة، لما أمم أملاكها وعسف المزارعين على أسلوب الاشتراكية في اقتصادها، ماذا حقق لها ناصر؟ أيتها الجماهير اتبعي ناصر وانظري ماذا سيقول لك جمال عبد الناصر؟ {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم:٢٢]، {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} [الزخرف:٥٤] ومن وجد عقولاً غبية وأفئدة سخيفة مثلها فليست الملامة عليه، الملامة على هذه العقول السخيفة التي تتبع كل ناعق.