هناك كثيرٌ من الناس وخصوصاً من الشباب، يظنون أن انشراح الصدر يكون في اللعب واللهو والسهر مع أصدقاء السوء، والسفر إلى بلاد الفسق والعصيان، وحينما تنصحهم يقولون: يا شيخ! استأنس ووسع صدرك ولا تكن معقداً متشدداً، فما هو توجيهكم لهؤلاء؟
الجواب
هو في الحقيقة يخيل إليه أن هذه سعادة وانشراح صدر، وإلا فإن الذين يقضون أوقاتهم في مجالس اللهو والفسق والمعصية والغفلة، وإن فعلوا ما يشتهون، أو رأوا ما يلذ بأعينهم، فإنهم يحسون بعد ذلك من الضيق والنكد والحسرة ما لا يخطر على بال، يقول الحسن البصري في شأن أهل المعاصي: إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين إلا أن ذل المعصية لا يفارق وجوههم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه، والله عز وجل يقول:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ}[الجاثية:٢١].
أتظنون يا أحبابي أن هذا الخاشع المتهجد الصائم العابد الذاكر الشاكر، يمكن أن تكون حاله سواء مع الفاسق الفاجر العنيد؟ لا يُمكن أن يستوي الأبرار والفجار، والصالحون والفاسقون، فكل من ادعى سعادة وانشراحاً على معصية، فإما أن تكون استدراجاً مضاعفاً لعذاب ينتظره، وإما أن تكون سعادة وهمية وانشراحاً تخيلياً لا حقيقة له، بدليل أن الكثير من هؤلاء الذين يسمون نجوماً ليسوا بنجوم، نجوم الفن إذا خلا أحدهم بنفسه، أو مع خاصة جماعته أو أصحابه، عُرف منه الكآبة والضيق، وما هو إلا عبد لرضى الجماهير، ما هو إلا عبد يريد رضى الجماهير، هل رأيتم فناناً يغني أمام واحد أو اثنين، لا.
لابد أن يأتي الجمهور ويطرب، هو عبد لهذا الرضا والإعجاب من الجمهور.
لكن العالم عندنا يجلس يحضر طالب، أو ألف، أو عشرة آلاف العلم علم والعبادة عبادة والتعليم تعليم، فرق بين رضى وانشراح صدر العالم والعابد والداعي، وما يراه أهل الفن والفسق والطرب من خيال، وحسبك أن أحدهم لو سألته بكل صراحة تقول: أنت تخيل نفسك أمام الله عز وجل، إذا سئلت بين يدي الله عن أعمالك، تقول: يا رب أحييت كرنفالاً، أحييت سهرة، أقمت حفلة، هذه أتقرب بها إلى الله، أو أريد بها منازل الفردوس والشهداء،
الجواب
لا يصح ذلك إطلاقاً، ولكن:
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن