للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التمارين من وقت صلاة المغرب إلى العشاء]

السؤال

فضيلة الشيخ! أنا لاعب من لاعبي النادي، وأتمرن في وقت صلاة المغرب وأحضر قبل هذا الموعد كما يأمرني المدرب ولا أصلي صلاة المغرب، وينتهي التدريب بعد صلاة العشاء، فما رأيك بهذا الأمر؟

الجواب

آمرك أن تأمر مدربك أن يصلي أولاً، وأن تذهب أنت وإياه سوياً إلى الصلاة، وإذا كان وقت التدريب يتعارض مع وقت الصلاة اتصل بإدارة النادي، ولا أظن أن إدارة النادي تمانع في أن تعدل برنامج التدريب، ما نظن بأي حال من الأحوال، ولو ظننا لاتصلنا بهم شخصياً، المسألة وما فيها ينبغي أن تعدل البرنامج، إذا كان وقت التدريب مع وقت الصلاة {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣] احترام المسلم لعبادته هذا فيه عزة وفيه كرامة وفيه قمة له لا يتصورها أحد.

طبيب سعودي ذهب يمثل المملكة في مؤتمر طبي في الولايات المتحدة، ولما أقلعت الطائرة حان وقت الأذان فأراد أن يؤذن، فذهب إلى كابتن الطائرة الأمريكي وقال له: لو سمحت أريد أن أؤذن؟ قال: لا يمكن أن تؤذن، قال: يا ألله! أفرجها من عندك، الرحلة إلى واشنطن أو إلى نيويورك ست عشرة ساعة، وكل ثمان ساعات يتغير الطاقم، المهم تغير الطاقم في اللحظات القريبة من كلامه، جاء إلى الكابتن السعودي، قال له: لو سمحت أؤذن؟ قال: أنا الذي أؤذن عنك، وما هي إلا لحظات إلا وهو يصدع بالأذان بين السماء والأرض، ثم صلى، ولما نزل إلى المطار استقل طائرة صغيرة من نيويورك إلى الولاية التي يعقد فيها المؤتمر، يقول: حضرت صلاة أخرى وأردت الأذان، قلت: يا ليتني جمعت الصلاة حتى ما أحرج معك، أخيراً استعنت بالله أن أؤذن، فرجعت إلى مؤخرة الطائرة ورفعت الآذان قليلاً وإذا برئيس الأمن والمضيفة أو لعلها مساعدة الطيار جاءا فوراً، أرادا أن يتقدما، أشرت عليهما قفوا مكانكما وهو يكمل أذانه، فلما انتهى، قالوا: خيراً ماذا بك؟ هم متوقعون في الطيران الأجنبي أنه سكران، ثم يبدأ ينهق ويصيح، فيأتوا يمسكوا رقبته، لكنه طبيب على مستوى عالي من العلم والأخلاق والفقه والالتزام والاستقامة، ولما انتهى؛ قالوا: ما بك؟ قال: أنا معي موعد دقيق ومهم لا أستطيع أن أؤخره، قالوا: مع من؟ قال: مع الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣] والله يأمرني أن أقيم الصلاة في وقتها {وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:١٤] فأنا لا يمكن أن أتردد في هذا الموعد، فشد انتباه المرأة شداً عجيباً، من هذا الذي يلتزم بمواعيده مع الله حتى في الطائرة؟!! قالت: أريد أن أتحدث معك، قال: دعيني أصلي، ثم صلى وجلس في محاورة معها انتهت بإسلامها، ولما حضر المؤتمر -والقصة شيقة جداً أكملها للفائدة- لمدة ثلاثة أياماً كان المؤتمر يبحث قضية دور الكالسيوم في جسم الإنسان، في الجلسة الأخيرة قال رئيس المؤتمر: نعطي الصوت لفلان لكي يحدثنا، يريدون أن يسمعوا منه شيئاً، فتقدم للمنصة وحمد الله وأثنى عليه، وتحدث مثنياً على المؤتمر والأبحاث التي قدمت في هذا المؤتمر، ثم قال: أنتم تبحثون منذ ثلاثة أيام عن دور الكالسيوم في جسم الإنسان، وأنا أطرح بحثاً ما هو دور الإنسان في الحياة؟ شد انتباههم إلى أمر، ثم أخذ يحدثهم عن هذا الإنسان كيف خلق وبأي تركيب.

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:٢٨] الأطباء وكما يقال: الطب مجرى الإيمان، الأطباء أقرب الناس لمعرفة هذا الإعجاز الدقيق في خلق الإنسان، انتهت كلمته، كان الحضور ثلاثمائة، انفضوا جميعاً إلا ستة وأربعين، أسلم من الستة والأربعين ستة رجال وامرأتان في تلك الجلسة.

المسلم الذي يعتز بإسلامه محبوب وله كرامة، ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عليه الناس، حتى لو عاندت المدرب وذهبت وصليت؛ سيرضى عنك المدرب رغماً عن أنفه، لكن لو جاملته من أجل أن ترضيه، والله ليسخطن الله عليك وليسخطن عليك المدرب، لأنك أردت سخط الله برضى الناس، فهذا لا يجوز أبداً ولا ينبغي، وإذا كان وقت التدريب يتعارض مع وقت الصلاة فالمرجو من الإخوة المعنيين بأمر النادي تعديل هذه النقطة والتنسيق مع الإدارة فيها.