للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جهاد سنين لا تضيعه نفثة منافق]

من الناس من يُريد أن يغير أناساً عاشوا سنين طويلة على جهل، وهي مسئوليتنا وليست مسئوليتهم فحسب، بل مسئوليتنا نحن يا معاشر الخريجين، وحملة الشهادات، وطلبة المعاهد، وأبناء الكليات ممن لم يُكلف نفسه عناء السفر ولو على حدود المملكة لتعليم الناس الفاتحة، أو لتعليم الناس الأصول الثلاثة، وآداب المشي إلى الصلاة، وكشف الشبهات.

نريد أن يتغيروا ونحن لم نتحرك، نريد أن يصلحوا ونحن لم نُصلح، نريد أن يحسنوا ونحن لم نُحسن، أي أمر هذا الذي نريده؟! أنتحدى؟! أنطلب إعجازاً؟! فلنتق الله في شأن الجهاد، ثم إننا لو سلّمنا بقطع الجهاد -الجهاد في أفغانستان - لخلدت روح الجهاد في شباب المسلمين، إنني أفرح يوم أن يأتي شاب يقول: أريد الجهاد ووالدي لم يأذن، أقول: اقنع والدك، واستعن بالله، وادع الله في الليل أن يهدي الله والدك للجهاد، ويأتي بعد يومين يبشر أن أباه وافق، ويقول: أذهب إلى أين؟ تنصحني إلى من؟ أذهب إلى جبهة من؟ أقول: اذهب إلى من شئت ولا تتعصب، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، سواءً في الشمال أو في الجنوب أو في كنر أو في جلال أباد أو خوست، أو أي مكان من الأماكن.

ما رأيت من صواب فأعن وثبِّت، وما رأيت من خطأ فتلطف وأصلح، هذا هو منهج الدعاة، ليس منهج الشطط.

ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر

إما أن تصلح كلها، وإما أن تخرب كلها، هذا جهل يا إخوان، هذا تضييع لجهود المسلمين، هذا خطأ في التفكير، هذا خطأ في التصور، ونسأل الله جل وعلا أن يثيب شبابنا.

إننا والله نقول هذا الكلام ونعلم أن من شبابنا من قد يضيق صدره بهذا، أقول: من القلة، وهؤلاء القلة، أقول: أسأل الله أن يثيبكم، وأسأل الله أن يثبتكم، وأسأل الله أن يجزيكم على غيرتكم، هل غاروا لأجل دنيا؟ هل غيرتهم لأجل منصب؟ هل غيرتهم عصبية؟ غيرتهم لله ورسوله، فهم والله يؤجرون، وما أجمل الأجر إذا وافق الصواب! من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر.

لا أقول مسفهاً أو متكلماً بآرائهم، لا والله، وإنما أتمنى أن يجمع الله لهم مع إخلاصهم الغيرة لدينه، وللتوحيد والعقيدة، أن يجمع لهم حُسن السبيل والوسيلة واللين، حتى يبلغوا بر الأمان.

ويا شباب الجهاد أجمعين! دوركم أن تجمعوا بين الناس، دوركم أن تألفوا صفوف القادة، اتصلت البارحة بأحد القادة وكلمته في الأمر، قال: ادع الله لنا بأن يجمع شمل القادة، إن الفتنة مصيبة، والطريق إلى الفتنة هو الاختلاف، فإن كنتم صادقين في حب الجهاد، فادع الله أن يؤلف بين قلوب القادة، وهناك جهود ماضية، ولجان مستمرة في التحقيق في هذا الحادث، ومن عُرف بجريمته يُقدم للمحاكمة ويُقتص منه، ولو تمالئ على قتل الشيخ أهل صنعاء لقتلوا به، كما قال عمر: [والله لو قتله أهل صنعاء لقتلتهم به].

إن الأمر حينما نقول: إننا ندعو الله أن يُصلح الحزب، وأن يُصلح الجماعة، نحن لا نُزكي أو نقول: هذه جماعة معصومة أو حزب معصوم، وأيضاً لن نضرب بهذه القيادة وهذه الجهود عرض الحائط، رجل يخوف أوروبا، هل من السهولة ألا نعبأ بشخصيته وسيرته؟ رجل يتمنى رونالد ريجان أن يقابله مرتين، فيقول: لا يُشرفني مقابلته، لا نبالي بشخصيته ولا نعبأ بمنزلته، أخطر وأكبر تنظيم منظم عسكري بقوة، هو الحزب في أفغانستان، فهل نرمي به عرض الحائط؟ أم نبحث عن الذين كانوا وراء الفتنة، ونسأل الله أن يُظهر من كان وراء الفتنة، وأن يُمكن القضاة واللجان منه، وأن يُقام عليه الحد، وأن يُقتص منه، ونسأل الله أن يُهلك من بهلاكه صلاح المجاهدين.

فلا تك فيها مُفرِطاً أو مفرِّطاً كلا طرفي قصد الأمور ذميم

نحن أيها الإخوة! بحاجة إلى التوازن، وبحاجة إلى الوسطية، وبحاجة إلى العدل: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء:١٣٥] {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا} [المائدة:٨].

هذا في شأن من نكرههم، فما الحال بشأن من نحبهم في الله وفي الجهاد في سبيل الله؟! المسألة جد خطيرة، فلننتبه لها جيداً أيها الأحبة، ومن كان ساعياً فليُصلح بين القادة، وليُصلح بين الشباب، وليُؤلف قلوبهم، وليحرص أن يذيب العصبية بين الناس، إن التعصب شر: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:٤٦] {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً} [النحل:٩٢] نجمع ونبني وندعم ونؤسس ونجاهد، ثم نرمي بالجهاد عرض الحائط، لنقول: أين الساحة القادمة؟ أهكذا شأننا؟ تخطيط أهوج، ثلاثة عشر عاماً جهاد، ثم نرمي به عرض الحائط ونقول: الساحة القادمة مانيلا، الفليبين أو مورو نقاتل فيها، أو ثم نقاتل عشر سنوات، ثم إذا عرفنا بشيء حصل بين نور مسواري أو سلامة هاشم، قلنا: اتركوا هذا الجهاد نذهب إلى أثيوبيا، ثم إذا ذهبنا إلى أثيوبيا عشر سنوات رضينا به.

ليس هذا بعقل، ونحن مسئولون عن دماء الأمة، وعما حصل، نجير هذا ونضيعه بين عشية وضحاها، ماذا تقول للقتلى والشهداء واليتامى والثكالى والأبرياء؟ أججتمونا حتى بلغنا هذا الأمر، ثم تركتمونا، ما ذنب الشيخ المشرد العجوز، المرأة، الطفل، اليتيم، الجريح المعوق؟ ما ذنب أولئك جميعاً؟ هم موجودون في كل حزب، وموجودون في كل تنظيم.

فيا أمة الإسلام! انتبهوا لهذا، وإذا سمعتم من يسب هذا ويمدح هذا، أو يسب هذا ويمدح ذاك، فقولوا له كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لما ذكرت الفتنة عنده، قال: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:١٣٤] ولما قال ابن عباس للربيع بن خثيم: [لو رآك الرسول لأحبك] لما قيل له: إن الحسين أو علياً قُتل، قال: {اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر:٤٦] هذا شأن المسلمين، شأن أهل السنة والجماعة مع نصرة الحق في كل شبر، في كل موقع وأرض، ونسأل الله ألا تكون عصبيتنا لأشخاص دون مناهج، نسأل الله أن يكون ولاؤنا للحق، وعصبيتنا للحق، ودعوتنا إلى الحق.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم اهلك من بهلاكه صلاح المجاهدين، اللهم اهلك من بهلاكه صلاح واجتماع شمل المجاهدين يا رب العالمين يا أرحم الراحمين، اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان، اللهم أقم دولتهم، اللهم اجمع أحزابهم، اللهم ألف قادتهم، اللهم اغفر لميتهم، اللهم فك أسيرهم، واجبر كسيرهم، واكفل يتيمهم، وتلطف بضعيفهم يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين في فلسطين، اللهم انصر المجاهدين في فلسطين المنسية، وفي سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم ولِّ علينا خيارنا واكفنا شرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم اختم بالشهادة والسعادة آجالنا، واقرن بالعافية غدونا وآصالنا، واجعل إلى جناتك مصيرنا ومآلنا.

اللهم حبب إلينا دينك وثبتنا عليه إلى أن نلقاك، اللهم اجعل المعاصي أبغض ما نرى، والملاهي أبغض ما نسمع، اللهم بغض وكره إلى نفوسنا المعاصي والفواحش والملاهي والمنكرات.

اللهم ادفع عنا الربا، اللهم ادفع عنا اللعنة، اللهم ادفع عنا الربا والزنا والزلازل والمحن والفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.