للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس من شرط الحق أن يقبله الناس جميعاً

السؤال

هناك بعض الشباب يقولون: إن توبة الشاب التي ذكرتها في شريط توبة صادقة لا تخلو من الزيادة والمبالغة، وإنه لا يمكن أن يحدث مثل ذلك، أرجو منك يا فضيلة الشيخ أن تجيب عن هذا؛ لأنه لو أن من لا يقتنع بصحته قد يؤثر على مَن سمعها وجزاك الله خيراً!

الجواب

والله -يا إخوان- ليس من شرط الحق أن يقبله الناس كلهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ورأيت الأنبياء، ورأيت النبي ومعه الرجل) نبي مؤيد بالوحي، والمعجزة والكرامة من الله، ما تبعه إلا رجل؟! يعني: أهذا النبي يقول باطلاً، يقول كذباً؟! أيُعْقَل هذا؟! أبداً، هو يقول حقاً؛ لكن لم يتبعه الناس، يعني: ليس من شرط الحق أن يلتزم به الناس كلهم، من الناس من حقت عليه الضلالة، (ورأيت النبي ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد) إلى آخر ما جاء.

فحينما نورد قصة من الواقع: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:١٧٦] {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} [يوسف:١١١] في قصص الأنبياء السالفين عبرة؛ ولكن أمرنا أن نستلهم العبر لما يحدث: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا} [النمل:٦٩] ننظر ماذا يحدث في هذا الكون ونعتبر بما حل فيه، والله جل وعلا يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:٢١] وضرب المثل من الواقع أمرٌ مشهود: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} [العنكبوت:٤١] {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة:٢٦]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الحج:٧٣] فضرب المثل والإخبار بالواقع أمرٌ شرعيٌ لا نزاع ولا جدال فيه.

فإذا جاء من يصدق بمخالفات المطربين، وخرافات المشعوذين، أو من عَجَز عقله عن تصور توبة وأوبة وخشوع ورجعة إلى الله جل وعلا؛ إذاً من باب أولى أن يقول: أن قصة الغامدية وقصة ماعز التي حصلت كذب، إذا صح السند فما لك إلا التصديق، وأقل الأحوال إذا لم يطمئن قلبك للشيء فاسكت، اجعل غيرك يعتبر، وانظروا إلى هذه القصة، يعني: لا أنسب لي فضلاً فيها، الفضل لله جل وعلا، ثم لمن أخبرني بها، أنا مجرد ناقل، والذي أخبرني هو الذي عاشر القصة من أولها إلى آخرها، وهو ثقة ورجل صالح مستقيم ولا نزكي على الله أحداً.

فيا إخوان حينما يوجد من يقصُر عقله عن تصور حقائق أكبر من شخصيته، هذا لا يلام، مسكين، يبقى على قصوره؛ لكن كم عدد الذين تأثروا؟ كم عدد الذين أعلنوا توبتهم؟ كم عدد الذين استجابوا؟ الحمد لله هم كثير، فلا يكون مثل هذا وغيره سبباً في التشكيك وعلى أية حال ليس من شرط الحق أن يقبله الناس كلهم.