للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تضليل الإعلام وسخريته بالعقول]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة: إن أزمة المسلمين في هذا الزمن هي أزمة القيادة التي ترفع لواء الجهاد لتحرير بيت المقدس من اليهود والصهاينة، إن الأمة التي قال الله في شأنها: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ في سَبِيلِ الله} [البقرة:٢٤٦] لقد طلبوا ملكاً وقائداً وقيادة قبل أن يطلبوا جنوداً وسلاحاً، وما ذاك إلا لأن الأزمة هي أزمة القيادة، إن الشعوب التي ترونها فيها خير كثير، ولو تركت الشعوب تتفاعل مع قضاياها لاستطاعت إلى حد كبير أن تحل الكثير منها، ولكن القيادات العميلة والقيادات الخائنة هي التي تستعدي الشعوب بعضها على بعض.

وكلمة حق أقولها: ما إن تسمع إذاعة من الإذاعات إلا وتجد فيها إيغاراً لشعب على شعب، إلا ما سمعناه هنا من تصريحات طيبة، ألا وهي: إن هذه البلاد خيرها للجميع سابق، وسيبقى خيرها بإذن الله لكل وافد وقادم ولكل ضيف بها إذا كان ملتزماً بآداب هذه البلاد، وأحكامها الشرعية، ونظمها العقلية، وجميع أنظمتها الرزينة الحصينة.

فيا عباد الله: إن أجهزة الإعلام لازالت هي التي تسير الشعوب، والله لقد عبث الإعلام البعثي بكثير من عقليات المسلمين، إلى حد أن بعضهم تصوروا أن الأمريكان يطوفون بالكعبة، وتصور بعضهم أن الأمريكان يسعون بين الصفا والمروة، وأولئك بينهم وبين الأراضي المقدسة مسافات بعيدة لمصالح عديدة، ومع ذلك فقد صور الإعلام أن الكعبة لا يطوف حولها إلا الأمريكان، وأن المسعى لا يسعى فيه إلا الأمريكان، وأن الحرم النبوي وقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم محاط بالأمريكان، فضجت هذه الشعوب الغافلة البسيطة الغوغاء، وصدقت دعوى الجهاد من الذين لم تجف أيديهم من دماء المسلمين الأكراد في حلبجة، لم تجف أيديهم من دماء المسلمين الصالحين في العراق.

أيصبح فرعون واعظاً؟ أيصدق للماكرين نصح ووعظ؟ ولكن كما تكون تلك الشعوب يولى عليها، (كما تكونوا يولى عليكم) لما رضيت بالذل -ولا أقول كلها بل بعضها- لما رضيت بالذل والهوان، وسكتت عن كلمة الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحكمت فيها الأنظمة الفرنسية، والقوانين الرومانية، والقوانين الوضعية، ونحيت الشريعة، ولم يسمع صوتٌ ينادي بتطبيق الشريعة فيها، تسلط الفجار عليها، تسلطوا تسلطاً عجيباً غريباً، فنسأل الله جل وعلا أن يوقظ هذه الشعوب من غفلتها.