للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نظرة الآخرين إلى أبناء الجزيرة]

إن الواقع الآن يحتاج منا أن نعود إلى ديننا، إن العلمانية قد أثبتت فشلها، والبعث العربي أثبت فشله، والقومية العربية أثبتت فشلها، كل الشعارات أثبتت فشلها، فإذا أنتم يا أبناء الإسلام، يا أبناء الجزيرة تخليتم عن الدين وما تمسكتم به وتهاونتم: هذه أغاني، وهذه أفلام.

لا بأس بها، وهذه فيها خلاف، وهذه كل الناس يفعلونها، إذا أنتم يا أهل الإسلام يا أهل الجزيرة تركتم هذا فمن الذي يتمسك بالدين إذاً؟! نلوم مسلمي الفلبين أو كوريا، إذا كان أبناء الجزيرة الذين يتكلمون اللغة التي نزل بها القرآن قد تهاونوا بالدين، وجعلوه وراءهم ظهرياً - نسأل الله ألا يكون ذلك - من الذي يقوم بالدين؟! ننتظر مسلمي كوريا أو مسلمي كينيا أو مسلمي القارة الخضراء يقومون به، أنتم أول من يُسأل عن هذا الدين؛ لأنه نزل بلغتكم ونزل بلسانكم، والكعبة في أرضكم، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في بلادكم، فبماذا تفتخرون أو تفاخرون الأمم؟! أحد الشباب يذكر قصة لمجموعة من الشباب سافروا إلى بانكوك، لكن أين سيذهبون؟ أتوجد كعبة في بانكوك سيطفون حولها؟ أيوجد مسجد للرسول يشدون الرحال إليه؟ أيوجد عالم من العلماء يطلب عنده العلم في بانكوك؟ طبعاً معروف إلى أي شيء ذهبوا، قال: فقابلهم شاب مسلم تايلندي - أظن درس في الجامعة الإسلامية أو يعرف بعض الأشياء في المملكة ودرس دراسة لا بأس بها - فلما قابلهم قال: أنتم من السعودية؟ قالوا: نعم.

قال: لماذا تأتون إلينا وتتركون الكعبة؟ تتركون مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وتأتون إلينا، ماذا عندنا؟ عندنا الدعارة والوساخة والعهر والفساد والخنا والزنا واللواط والفواحش ماذا تريدون؟ فأخذ هذا المسلم التايلندي بلغته الركيكة ولسانه الأعجمي يوبخهم حتى استحوا.

نعم نحن -أيها الإخوة- مسئولون أمام البشرية وأمام الله قبل كل شيء عن هذا الدين، إذا قيل: الإسلام في أي دولة من دول العالم؟ فالناس يتبادر إلى أذهانهم السعودية، والآن لو كان هناك مجلس فيه جنسيات مختلفة كثيرة: كوري، فلبيني، مصري، تركي، فرنسي، ألماني، يمني، أردني، هات العالم كله، ثم تقول السعودية، هل يتبادر إلى ذهنك صليب؟ لا، هل يتبادر إلى ذهنك صنم؟ لا، بل يتبادر إلى ذهنك؟ الإسلام.

فالعالم يحسب أن هذا الدين أنتم مسئولون عنه، فإذا كرستم اهتمامكم على ثيابكم وملابسكم وشهواتكم وبطونكم فمن لدين الله جل وعلا؟! من لدين الله يا شباب الجزيرة، يا شباب الإسلام، نعم لو تخليتم عن هذا الدين لا يبالي الله بكم في أي واد تهلكون، قد ينصر الله الإسلام بالأفغانيين، قد ينصر الله الإسلام بالأتراك في يوم ما، قد ينصر الله الإسلام باليمنيين، بالأردنيين، بالسوريين، بأهل الشام، بأهل الجنوب، بأي فئة كانت، ليس الإسلام حكراً عليكم، لكن الناس يعلقون عليكم مسئولية عظيمة تجاه هذا الدين، فإذا كان لشباب الإسلام اهتماماتهم بالتفحيط وتجميل السيارات وسماع الأغاني ومتابعة المسلسلات وتقليد الموضات، إذاً لا نلوم رامبو ولا نلوم الممثلين ولا نلوم أولئك فيما يفعلون إذا كان الإسلام هذا تقليدهم، وهذا فعلهم فلا يلام أولئك:

لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم

لا يلام أهل الباطل إذا كان أبناء الإسلام ضيعوا الإسلام، فماذا ننتظر من أهل الباطل إلا أن يتآمروا علينا وأن يجهزوا علينا، ويجعلونا أذلة بين الخلائق أجمعين، لكن لنتمسك بهذا الدين ونعتز به، فإنه والله به العزة والنصرة والكرامة والسيادة وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [نحن قوم أعزنا الله بالإسلام؛ فمهما أردنا العزة بغيره أذلنا الله].

فلا نعتز بالكباري ولا بالبنايات ولا بالطرق ولا بالمنشآت ولا بالمستشفيات ولا بالجامعات ولا بأي شيء، العزة بهذا الدين، إن تمسكنا بالدين فأبشروا بكل خير؛ في الطرق والمواصلات والمستشفيات والجامعات والمحاصيل، وإن تركنا هذا الدين فسوف تنقلب علينا الأمور رأساً على عقب ويقال: كانت المملكة غنية، كانت المملكة ثرية، كانت المملكة دولة نفطية، كانت المملكة هل النفط يخرج لسواد أعيننا؟! هل نضحك للبئر فيفور البترول؟! لا {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك:٣٠] الله يسخر كل خيرات الأرض لكي تخرج ما دمنا نتمسك بالدين، فإذا ولينا وتركنا هذا الدين فلو شاء الله أن يكون هذا غائراً أو جامداً، ولا تستطيع وسائلنا أن تصل إليه لكان نفعل، وليس ذلك على الله بعزيز {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف:٩٦] البركة والخير في هذا الدين، يا شباب الإسلام! تمسكوا بهذا الدين فهو والله سبب العزة الرفعة.

أوروبا أصبحت تتجمع في وحدة واحدة هي السوق الأوروبية المشتركة، وهي عبارة عن تكتل اقتصادي أوروبي يحارب منتجات المسلمين ويسوق منتجات الأوروبيين.

كانت ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية دولتين منفصلتين، هدم السور الذي بينهما، فصارتا دولة واحدة، وقريباً ستكون بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ستكون هكذا دولة واحدة، ويخططون بعد عام ٢٠٠٠ أنه ستكون أوروبا دولة واحدة عاصمتها بروكسل التي هي عاصمة بلجيكا الآن.

انظر إلى الغرب كيف يخططون للوحدة المرتقبة العظيمة، وكل أهل ضلالة يتكتلون، وكل أبناء طائفة يتكتل بعضهم مع بعض، فأنتم يا معاشر المسلمين تمسكوا بدينكم، وإذا جاءت المصائب والفتن ما الذي ينجي؟ في حرب الخليج أتظنون لو أننا أرسلنا مائة مطرب والفرقة الماسية والفنانين على الحدود وقلنا لهم: شنوا حرباً على البعث واجعلوا صدام يهزم، هل يعقل هذا؟ لا يعقل هذا، لا ينفع الأمة إلا الرجال، فالعلماء ثبتوا الناس، والجيوش استعانت بالله جل وعلا من المسلمين ومن جاء من أهل المصالح المشتركة المهم أن العملية وقفت لها جهود، انظروا إلى حال الأشياء التي يهتم بها الشباب، هل إذا جاءت الحرب نقول: تعال يا صدام انظر المصور وسيدتي والمجلة الفلانية، هل المجلات ترد عدواً؟! هل الأغاني ترد عدواً؟ أبداً، ما يرد الأعداء إلا الدعاء، لما قام الناس يتهجدون آخر الليل، ويقنتون في جميع الصلوات، وقام العلماء يثبتون الناس ويشجعون الناس على الجهاد، وقام العلماء يبينون خطر المرحلة وما ينبغي أن يكون بين الناس من التوازن وتماسك الجبهة الداخلية والحرص على الأمن الداخلي أثناء الحرب على الحدود، وأن يكون كل مواطن مسلم مخلص يفتح عينيه وينظر ما الذي يدور في البلد؟ من الذي يريد أن يستغل الظروف؟ هكذا نفعت الأمور الطيبة النافعة، لو كانت الأغاني والملاهي والتمثيليات وغيرها تنفع لقلنا: تعالوا يا شباب، كل واحد عنده شريط أغاني يعطينا إياه، كل واحد عنده مجلة يعطينا إياها، كل واحد عنده فيلم فيديو يعطينا إياه، لكن الحقيقة تثبت وتقول: إن هؤلاء لا ينفعون، إنما ينفع الجد والإيمان والدعاء وسلاح العلم والثبات والبصر والبصيرة.