إذا كنت تقول: يا الله! وقت الاضطرار فإن كفار قريش الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم واستباح دماءهم وأموالهم كانوا عند الاضطرار يقولون: يا الله! {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[العنكبوت:٦٥]{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[يونس:٢٢] إذا كنت تقول: يا الله! وقت الاضطرار فلست وحدك التي تقولها، كفار قريش يقولونها.
حصين بن عبيد قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(يا حصين! كم من إله تعبد؟ قال: سبعة، قال: وأين آلهتك يا حصين؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: من الذي لشدتك وكربك؟ قال: الذي في السماء) الاضطرار إلى الله وقت الحاجة، والاضطرار أمر طبيعي في البشر، لكن يا أخي! كن مع الله في حال الرخاء يكون الله معك في الشدة، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في حال الشدة.
نبي الله يونس بن متى كان من المسبحين، فلما ألقي في البحر والتقمه الحوت نادى في الظلمات {أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧] قالت الملائكة: يا رب! صوت مسموع- ليست أول مرة يسبح - {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}[الصافات:١٤٣] فلولا أنه كان فيما مضى من المسبحين {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات:١٤٤] ولكن لأنه كان من المسبحين في الرخاء فسبح في الشدة، فجاء الفرج عاجلاً بين الكاف والنون {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل:٤٠].
إخواني في الله! ينبغي أن نتعرف على الله في الرخاء، ينبغي أن نقوم بأمر الله في الرخاء، ينبغي أن نبادر إلى الله ما دمنا أقوياء، اغتنم بادر (اغتنم خمساً قبل خمس: فراغك قبل شغلك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وشبابك قبل هرمك، وخذ من دنياك لآخرتك، ومن نفسك لنفسك).