للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أحوال الجهاد في أفغانستان]

الحمد لله القائل في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة:٧٣].

أحمده سبحانه حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل، والند والنظير، ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم البعث والنشور.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

معاشر المؤمنين: لا يخفاكم أن الجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس عبادةٌ من أَجَلِّ العبادات في هذا الدين، بل هو ذروة سنامه التي بها يجد المسلمون حلاوة العزة، وَصِدْقَ الوعد من الله جل وعلا بالعز والنصر والتمكين، يقول سبحانه: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:١٤ - ١٥].

ولما طال انقطاع العهد واتصال البعد عن الجهاد في سبيل الله من الأمة الإسلامية في هذا العصر حقبةً طويلةً من الزمن، اطمأن أعداء الإسلام فيها إلى تدبير مخططاتهم، وأمنوا بأس المسلمين وشوكتهم خلالها، ولئن طال ذلك فإن فجراً بالجهاد قد لاح وظهر، وإن رايات العزة والكرامة قد رفعت ورفرفت على أرض أفغانستان المسلمة، تلك الأرض الجريحة التي جُرحت بمناجل الشيوعية، وضربت بمطارق الإلحاد، لكن ذلك لم يزد المجاهدين إلا قوةً وصلابة.

أيها الأحبة في الله! يا معاشر المسلمين المطمئنين الوادعين في أوطانكم! المتلذذين بألوان النعم في بيوتكم ومفارشكم ومراكبكم ومآكلكم ومشاربكم! يا معاشر المؤمنين: هل تظنون أن إعلاء راية الجهاد أمرٌ هينٌ أو يسير؟ هل تظنون أن جهاد الكفار، أن جهاد أعداء أمة الإسلام يتحقق بالصيحات والشعارات والمنظمات والسب والشتائم؟ لا.

وألف لا.

إن إعلاء راية الجهاد -يا عباد الله- يعني التضحية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى؛ التضحية بالنفس والنفيس، التضحية بالأموال وبالأوطان وبالأولاد، والتضحية بالذرية، والتضحية بالشرف وبالنعيم.