للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما تعيشه طاجكستان من مأساة حالية]

في تلك البقعة، وفي زمنٍ يسير بإمكانكم أن تدرسوه وتقيسوه، من بداية التحول في الاتحاد السوفيتي إلى أيامٍ قليلة، تسلط بقايا الشيوعيين -ومن ظن أن سقوط الشيوعية يعني قيام الإسلام في روسيا فهو واهمٌ لا محالة، لقد سقط وتحطم الجبل الشيوعي، ليتحول إلى صخراتٍ شيوعية، لقد تحطم ذلك الكثيب العظيم من الشيوعية، ليتحول إلى حفناتٍ شيوعية - وكلُ حفنةٍ تسلطت على رقاب كثيرٍ من المسلمين، فلم يتغير الوضع كثيراً، كما تفاءل وظن كثيرٌ من المسلمين.

وبعد أن تحولت الأوضاع هناك ظهر المسلمون على السطح، وتنفسوا الصعداء، والتفتوا يمنةً ويسرةً أهي أحلامٌ يرونها في المنام، أم حقيقة واقعٍ تأذن لهم بأن يخرجوا لهم مدارس القرآن من الأقبية إلى سطح الأرض، وأن يخرجوا كتب اللغة من السراديب إلى صالات الدراسة، وأن يخرجوا بجموعهم ليصلوا جماعات، وليمشوا في الطرقات، معلنين دينهم لا يخافون أبداً، خرج المسلمون وما إن خرجوا ليحكموا أنفسهم بما نصت عليه مواثيق تلك البلاد بعد سقوط الشيوعية بعودة الديمقراطية، وأن الأحكام للأغلبية؛ إذ بأقليةٍ شيوعية تعود من جديد لتجثم على صدور المسلمين، ولتسن المطرقة ولكي تسن المنجل من جديد وتضرب بالمطرقة لتعيد عهداً جديداً للشيوعية، وفي تلك الفترة إلى يومنا هذا، في ظل هجماتٍ مسعورة، وحركاتٍ وحشية، أحرق أكثر من مائة وخمسين ألف منزل، وقتل أكثر من خمسة وعشرين ألف مسلم، وأما القتلى في نواحٍ مختلفة ممن يعرفون ومن لا يعرفون فقد بلغوا أكثر من مائتي ألف نسمة، خمسة وعشرين ألفاً في معارك المواجهة، في القتال الدائر الشديد الذي حمي وطيسه وجهاً لوجه بين المسلمين وبين الشيوعيين من الطاجيك، ومن ساعدهم من الأوزبك، وأما ضحايا القصف العشوائي والتشريد والهجرة إلى المجهول فقد بلغوا مائتي ألف نسمة، والمفقودون أكثر من مائة وخمسين ألفاً، لكي تظهر صفحةً جديدة، وتعلن هجرةً جديدة للمسلمين، بلغ عدد المهاجرين حتى الآن أكثر من نصف مليون لاجئ، كلهم هربوا ولجئوا إلى الحدود الشمالية؛ أو إلى الحدود الجنوبية بالنسبة لهم، إلى شمال أفغانستان في مناطق قندوز وبلخ وغيرها.