للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أين نحن من ما ضٍ سلف؟

وأين نحن من واقعٍ نعيشه؟! وأين نحن من غفلة وقعنا فيها؟! واستحكمت شهواتها وملذاتها في قلوبنا نحن يا معاشر المسلمين؟ أين عزة الإسلام؟ أين عزة المسلمين في قلوبنا نحن يا معاشر المسلمين؟ أين لواء الإسلام خفاقاً على أرض المعمورة، تمر سحابة فيرفع هارون الرشيد رأسه يخاطب سحابةً تمر يقول لها: [أمطري حيث شئت فيسأتيني خراجك] سيأتي خراج هذه السحابة، سيأتي ما نتج من مطرها إلى أرض الخلافة.

يا معاشر المسلمين:

كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا

لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا

كنا نرى الأصنام من ذهبٍ فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا

لو كان غير المسلمين لحازها ولصاغ منها الحلي والدينارا

أين هذه العزة التي مشت جبالاً فوق الجبال، وبحاراً فوق البحار، وشُهباً في أعالي السماء، ونجوماً في أعالي الكون؟ أين هذه العزة يا عباد الله؟ إن هذا سؤالٌ يُوجه لكل مسلم: هل نعتز بأحكام ديننا؟ هل نعتز بشريعتنا؟ هل نعتز بأمتنا؟ إن مسلماً لا يعتز بدينه يُطرق حياءً وليس والله حياء، بل هو خنوعٌ وخضوع، إن مسلماً يُطرق خنوعاً وخضوعاً لا يُغير منكراً يراه، كيف نلتمس العزة من هذا المسلم؟! إن مسلماً قد استعبد الشيطان قلبه، إن مسلماً استحكمت الشهوة في بدنه، إن مسلماً سلب المال لبه، كيف نرجو من مسلمٍ كهذا عزة؟ أين المسلم الذي لا يهاب الموت؟ أين المسلم الذي يقول:

ترددت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياةً مثل أن أتقدما

أين المسلم الذي يقول:

فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ كطعم الموت في أمرٍ عظيم

أين المسلم الذي يقول:

إذا لم يكن من الموت بدٌ فمن العجز أن تموت جبانا

ذاك مسلمٌ قل وندر في هذا الزمان، ذاك مسلم لا تكاد تجد في الألف إلا واحداً منه.

عباد الله! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يُغلب اثنا عشر ألف من قلة) أعجزت أمة الإسلام أن تنجب اثني عشر ألف مسلمٍ في هذا الزمان، مصيبةٌ من أعظم المصائب، ولا عجب في ذلك يا عباد الله: إن الهوان والذلة والصغار على من ترك الجهاد، على من ترك النخوة، على من ترك النجدة، وسيأتي يومٌ يؤكل فيه كما أُكل إخوانه.

يقول قائد اتحاد المجاهدين: عبد رب الرسول سياف: إننا لنلوم آباءنا وأجدادنا لأنهم سكتوا ولم ينجدوا المسلمين في بخارى وترمذ وسمرقند فأكلتهم الشيوعية، ثم تقدمت الشيوعية نحونا وقديماً قيل: (أُكلت يوم أكل الثور الأبيض) والله من رأى جاره يُؤكل ويقتل فليكونن القتل قريباً إليه.

لما رأت أختها بالأمس قد خربت صار الخراب لها أعدى من الجرب

عباد الله! لا تعجبوا من ذلة المسلمين، لا تعجبوا من هوانهم على الناس، لا تعجبوا من قلة حيلتهم، لا تعجبوا من ضعفهم، يقول الله جل وعلا: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم فاستغفروه من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.