للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النظر إلى آيات الله ونعمه]

معاشر المؤمنين! انتبهوا إلى آيات الله جل وعلا، وتدبروها أعظم التدبر واعلموا أن أي تغير فيها إنما هو تخويف للعباد من الله، وإن العباد لا بد ولاشك قد أحدثوا أمراً {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:١١] ويوم أن ننظر إلى آيات الله بعين الشمول، والعموم نُدرك أن هذه الآية تذكرنا وتنبهنا إلى عدد من الآيات والنعم التي لا نستطيع لها عدداً ولا إحصاءً ولا حساباً، يقول الله جل وعلا: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة:٥٨ - ٥٩] ما الذي جعل هذا النسل البشري يتكاثر {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة:٨] من نطفةٍ قذرة تكون في أصلاب الرجال إلى أرحام النساء في ظلمات الأرحام، وبعد ذلك يخلقها الله جل وعلا بأمره لملائكته من نطفةٍ إلى علقةٍ إلى مضغةٍ، وبعد ذلك يؤمر الملك فينفخ فيها الروح وتُكتب الآجال والأرزاق والسعادة والشقاء والأعمال: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة:٥٨ - ٥٩] إنها لمن آيات الله جل وعلا التي تبين للناس أنه وحده سبحانه القادر على الإنشاء من العدم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة:٦٥].

إن العباد بأسبابهم الضعيفة لا يملكون إلا أن يشقوا الأرض، لا يملكون إلا أن يحرثوها ويضعوا البذور التي خلقها الله لهم بينها، ثم يفعلون الأسباب التي أمروا بها، وبعد ذلك يتكلون على الله جل وعلا، يتكلون عليه وحده لا شريك له ومن ثم يخرج لهم هذه الثمار اليانعة، تُسقى بماء واحد ويُفضل بعضها على بعضٍ في الأكل، تُسقى بماءٍ واحد وترون ألوانها وأنواعها مختلفةٍ ومتعددة: {أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمْ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:٦٨ - ٧٤] كلها آيات من الله جل وعلا، ولكن أين المتأثر وأين المعتبر؟ أين الذي يتأثر لرؤية الكسوف والخسوف؟