للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تسارع جنائز الموتى]

أما الجنائز والأموات: فموت الرجل أو المرأة يفرج كربة عريان من العراة، فيؤخذ منه لباسه لكي يكسى به حي لا لباس له، وبماذا يكفن هذا الميت؟ ربما دفن عرياناً، وربما كفن بما يوجد من قراطيس وكراتين ونحوها.

أيها الأحبة في الله! أما الدواء: فلا يوجد على الإطلاق، انتشر بينهم مرض اسمه مرض (المرسمس) هذا المرض ينتفخ فيه بطن الطفل انتفاخاً عجيب ويدخل فيه وجهه ورأسه وتضمر عظامه ويبقى في حالة عجيبة، ثم بعد ذلك يصب من جوفه الإسهال كالماء، ثم يصب الدم كالماء، ثم يموت موتاً بطيئاً:

كفى بك داءً أن ترى الموت شافيا وأن المنايا قد غدون أمانيا

يفرح بعضهم أن يموت من أمامه، يجد الموت فرجاً وفراق الحياة بشارة حتى يرتاح من هذه المعاناة التي يراها.

وكل ما أذكره لكم من تقارير موثقة ومن رجلين صالحين ذهبا بنفسيهما ورأيا بأم عينيهما ما ذكرته لكم أيها الأحبة يقول أحد الشباب: لا تسأل عن هذا المرض الذي انتشر فيهم، والجفاف الذي كسى أبدانهم، يصيب بعضهم أو أكثرهم مرضاً إذا أخذت بجلدة يد أحدهم أو بجلدة من رقبته أو صدره ثم جذبت الجلد وأطلقت يدك عنه يبقى الجلد هكذا من شدة الجفاف حتى ترده من جديد إلى وضعه الطبيعي.

قال الراوي: ورأينا خيمة دخلناها فوجدنا فيها امرأة مضرجة بالدماء من حولها، ينزف الدم من أنفها ومن فمها وأعزكم الله والمسجد والملائكة والسامعين، وينزف الدم من قبلها ودبرها، فسألناهم عنها قلنا: ما هذه المرأة؟ قالوا: إنها مريضة، قلنا: وماذا تنتظرون؟ قالوا: ننتظر حتى تموت لنستفيد من خيمتها وملابسها.

ورأيا رجلاً وزوجته مقطوعة أطرافهما وأطفالهما مصابون بإسهال فسألنا عنهم، فقلنا: ما هؤلاء؟ قالوا: هؤلاء مرضى وعلى أية حال ربما يموتون بعد خمسة أيام ويستفاد من مكانهم.

أصبح الناس يريدون ويشتهون الموت، يجدون في الموت راحة، في الموت كساءً، في الموت شبعاً، في الموت رياً، في الموت أماناً، في الموت طمأنينة، أما الحياة فمرض وجوع وعري وعطش، سقماً ونهباً وفزعاً وقلقاً وخوفاً.