للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن شفاء لما في الصدور]

أين الذين يذهبون للعيادات النفسية ويشكون القلق والانفصام والاكتئاب؟ أين الذين يذهبون لعلاج ما يسمى بضيق الصدر؟ أين الذين يخسرون أموالاً بل ويرتكبون شركاً في الذهاب إلى المشعوذين والكهنة والعرافين ليعلق عليه من التمائم وليعطيه من الرقى والطلاسم، وليلبسه من التول ومن أشياء كثيرة كلها لا ترضي الله بل تجرح وتقدح في التوحيد إن لم تنافي التوحيد كله؟ والعلاج سهلٌ بين يديه أن يقرأ عند صباحه ومسائه: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، اسألوا الذين يترددون على العيادات النفسية، فقد بذل بعضهم مئات الآلاف من الأموال، أنا أعرف رجلاً، قال: إن ما خسرته على العيادات النفسية متردداً عليها والأدوية أكثر من أربعمائة ألف ريال، يعني: أقل من نصف مليون، فوالله إن هذا لقليل يعني: قد خسر أكثر، قلت: وهل وجدت نتيجة؟ قال: لا.

قلت: إذاً كيف تعالج نفسك؟ قال: والله ما وجدت علاجي إلا في جزءٍ من القرآن آخر الليل، إن قرأت تلك الليلة جزءاً من القرآن في تلك الليلة أو قبل النوم أو في آخر الليل فإني أصبح نشيطاً سوياً سليماً معافى، وإن تركت القرآن أصبحت مريضاً قلقاً مكتئبا، فانظروا كم لله من النعم والفضل حينما يبتلي عبداً من العباد بلاءً يجعل دواءه في ذكره ليؤجر في دواء بلوى أصابته، أو في شفاء سقمٍ قد ألم به، نعمة عظيمة لكن ما أكثر الذين يترددون على المشعوذين، ويحيطون أنفسهم بالسرية وبالكتمان، وأنا أعرف لك واحداً موجوداً وراء الجبل وتحت الوادي وخلف المكان وفي آخر الطريق ولا تخبر به أحداً، ثم يأتي إلى بيتٍ نتن الرائحة خسيس المنظر والشكل؛ في حالة مزعجة وفي هيئة مريبة، ثم لا يلبث أن يعطيه من الطلاسم ومن البخور ومن التمائم ومن أمور الشعوذة ما الله به عليم، ثم يظن أنه بهذا قد سلك سبيلاً للشفاء والدواء، ووالله ما سلك إلا سبيلاً لزيادة البلوى والأذى، فهل يفهم هذا إخواننا؟ هل يفهم هذا أخواتنا؟ هل يفهم هذا الرجال والنساء الذين حينما يبتلى أحدهم ببلية في نفسه أو في ولده لا يتردد أن يذهب إلى فلانة التي تكشف، أو فلان الذي يشعوذ، أو علان الذي يعقد ويفك ويحل ويربط إلى غير ذلك؟ {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢] ولا يدبرون ولا يقدمون ولا يؤخرون شيئاً قد قدره الله سبحانه وتعالى.

من العجائب: يقول لي أحد الإخوة الذين يتبرعون في الرقية يقول: جاء رجل ومعه امرأة تشكو آلاماً وأمراضاً من أجل الرقية عليها، قال: فكنت أرقيها ولا تجد أي أثرٍ أبداً، قال: فسألته: هل هذه المرأة تلبس شيئاً من الحروز؟ هل تلبس شيئاً من التمائم؟ هل تعلق شيئاً؟ هل أعطيت شيئاً؟ قال: إن شئت الحق فإنها سبق أن ذهبت إلى رجلٍ وأعطاها حرزاً تعلقه على جسدها ولا تستطيع أن تفكه لأنها إذا فكته أصابها البلاء، قال: فطلبته منه وبعد إصرار وإلحاح شديد أخرجه لي، قال: فلما فككناه وجدنا فيه نداء لشياطين الجن ومردة الشياطين: يا عبدوس يا شيطون يا حبوس يا كذا يا كذا، زد على ذلك قال برائحة نتنة قال: والذي استظهرته أنه مكتوبٌ أجلكم الله والملائكة وبيته والسامعين أنه مكتوبٌ بدم حيض -والعياذ بالله- انظروا كيف يبتلى هؤلاء؟! بل وبعضهم يشرك وهو لا يدري {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦] بسبب الوقوع في هذه الأمور وعندهم الكنز الثمين وعندهم المورد العظيم كلام الله عز وجل، لو تداووا به واهتدوا به وتذكروه وجعلوه ذكراً لكان حرزاً ودواءاً وشفاءً وكفاءً ولكن:

ومن العجائب والعجائب جمة قرب الحبيب وما إليه سبيل

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول