للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كل شاب يستطيع أن يكون في مقدمة الركب]

إذا أردتم أن أقنعكم وأبرهن، وأثبت لكم أن شبابنا بفضل الله -وأنتم منهم- فيهم خير عظيم، اسألوني عما رأيت في أفغانستان، رأيت شباباً قادوا ودخلوا معارك ضد الشيوعيين، أحدهم يحلف بالله، يقول: لم يكن لي هم إلا الطماطم والبيض، وإذا رأيت سيارة فيها عمال ضربت الطماط أو البيض في زجاجها، فيظل السائق يذهب يميناً ويذهب يساراً إلى أن يقف، أي: شقاوة، طبعاً فلا تطبقوها هذه بعيدة عنكم إن شاء الله، لكن أقول لك: من شقاوته ما كان له هم، فلما جاءه أحد إخوانه الدعاة إلى الله، وقال له: يا أخي الحبيب! الله خلقك من أجل أن تشتري بيضاً وتكسرها في وجوه الناس؟ أو خلقك من أجل أن تأخذ هذه الطماطم، وتضعها على زجاج السيارات؟ أو خلقك من أجل أن تعاكس وتغازل؟ ثم أهداه كتيباً ثم فتح الله قلبه للجهاد وسافر إلى أفغانستان، وأصبح قائداً من قادات المجاهدين.

وهذا الشاب بيده ذبح عدداً من الشيوعيين على الطريقة الإسلامية، وقديماً كان من أهل المخدرات، وقديماً كان من أهل الفساد، أي: لا يأتيك الشيطان يقول: أنت الآن سيئ لا خير فيك إلخ لا أمل فيك أن تستقيم، أو أن تكون داعية، أو قائداً، أو مجاهداً؟! لا.

اترك هذه الظنون، وهذا العبث الشيطاني الذي يزخرف لك، لكن حاول، وامش خطوة إلى الأمام، وستجد نفسك قادراً، لا تقل: لا أستطيع، حاول، لا تقل: لا أعرف، جرب، وستجد النتيجة وأنت الحكم.

شابٌ آخر يحدثني أحد المشايخ، وكان معي ذات مرة في رحلة في أفغانستان، يقول: شباب ذاهبون إلى جبهة من جبهات القتال، فوجدت شاباً يسبقونه وهو ينتفض، فقلت له: لماذا لا تمشي معهم؟ لماذا أنت متأخر عن القافلة؟ قال: أسأل الله أن يغفر لي ويتوب عليّ، أنا وضعي لا يسمح لي أن أمشي بسرعة، ويتلهج ويتزفر زفرات وأنات وآهات، قال له: لماذا يا أخي؟ قال له: والله كنت في سجون الأمل، كنت في المخدرات، ليس هناك نوع من أنواعها إلا فعلته وجربته، ولما منَّ الله عليَّ وتبت، ما وجدت مجالاً أستطيع أن أنشغل فيه عن جلساء السوء إلا الجهاد في سبيل الله، فذهبت أجاهد في سبيل الله حتى يتوب الله عليّ، وحتى أبتعد عن قرناء السوء، قال: فقلت الله أكبر بالأمس كان في سجون المخدرات، والآن على قمم الهندكوش في أفغانستان.

هل استطاع الشيطان أن يحقق آماله أمام هذه العزيمة؟ لا.

لقد فشل إبليس، فشل الشيطان أمام شاب كانت عزيمته أن يتوب إلى الله، وأن يعود إلى الله.

يا إخواني! انظروا الذين ساروا في طريق الفن والطرب، منهم من مات على سوء، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ومنهم من تداركته الرحمة فتاب قبل أن يموت، تعرفون فهد بن سعيد أبو خالد كما يقول:

الموت حق وكلنا ذا يقينه مير البلى من ذاق موتاً ولا مات

الله أكبر! العزلة يا أبا خالد! زرته في السجن في سجن الحائر، كيف الحال يا أخ فهد؟ قال: والله إني أحمد الله على الساعة التي وجدت في هذا المكان، لماذا؟ هل هناك من يحمد الله على السجن؟ قال: نعم.

لأني لو استمريت على ما أنا فيه، مت كموت الحمير، بهذه العبارة.

وفي كتيب أحضرته هديةً لكم اسمه، للشباب فقط، وستجدون في آخر الكتاب، فهد بن سعيد يتكلم أو يعترف، هي رسالة صغيرة جداً ما تأخذ منكم شيئاً، خذوا الكتاب واقرءوه، لتسمعوا اعترافات الفنانين المطربين وغيرهم، وجاءنا ذات يوم الأخ فهد بنفسه في المسجد، وألقى كلمة، قلت له: تفضل أعط كلمة، قال: أنا لست بخطيب، وما أعرف، قلت: لا أريد كلمة فصيحة أريد كلمة لشباب الحي يعرفون أن الإنسان يمكن أن يعود إلى الله، ليس من أمسك عوداً انحرف إلى جهنم وساءت مصيراً، من أكل حبة مخدرات، انحرف إلى جهنم وساءت مصيراً، لا.

إن باب التوبة مفتوح حتى وإن فعل الفاحشة، حتى وإن وقع في اللواط حتى وإن شرب الدخان، حتى وإن أكل المخدرات، إذا تاب وعاد إلى الله عودةً صادقةً، فإن الله يقبل منه، فالأخ فهد قام وصلى معنا العشاء، وبعد الصلاة وقف، وقال: يا إخوان! أنا أخوكم في الله فهد بن سعيد كنت فناناً وكنت مطرباً، وتبت إلى الله، وأسأل الله أن يتوب عليَّ، ولي طلب واحد منكم، ما هو؟ طلبي أن من كان عنده شريط للفنان فهد بن سعيد أن يتوب إلى الله ويمسحه ويضع عليه خطبة، أو محاضرة، أو أناشيد إسلامية، أو شيئاً بعيداً عن المعصية.

أي: إذاً لا يتوقع الواحد أنه إذا وقع في شيء يصعب عليه أو مستحيل أن يتوب منه، لا.

مثلما يقول لك: شاب مرة في الحارة قديماً كنت ماشياً وهو جالس يدخن، قلت: يا يوسف! هذا وأنت ولد حمولة؟! قال: لا أستطيع أن أتركه.

والظاهر أنه يحمل السيجارة بالمقلوب، لم يدخن سيجارتين، ويقول: لا أقدر على تركها، فالشيطان يغرس ويعمق، ويجعل في قلبك أنك إذا وقعت في شيء لا تستطيع أن تتركه، فالدخان لا أقدر على تركه، والفاحشة لا أقدر على تركها، لا أصبر عنها، مخدرات! لا أقدر أن أتركها، غناء! لا أستطيع تركها، ما هذا الكلام؟!