للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المعصية تحرمك مجالسة الصالحين]

أيضاً هذا من أذية وإذلال السيجارة لصاحبها، في مجلسٍ آخر: تعال والله الشيخ الفلاني موجود، والشيخ الفلاني موجود، يقول: لا والله أخاف أن يشموا رائحتي، لا أقدر؛ فيحرم من مجالس أهل الخير، يحرم من مقابلة العلماء وأهل العلم، يحرم من الانتفاع، ويذل ويبقى في حالة من النفاق، تارةً يظهر أمام الناس بشيء، وتارةً يخفي شيئاً، تارةً يبرز شيئاً، وتارةً يكتم شيئاً، ويعيش متذبذباً؛ والذي يعيش في حياته منافقاً تجده متقلباً وتجده ضعيفاً، ولا يستطيع أن يكون له قوة شخصية، ولا قوة إرادة، ولا قوة ثبات في طريقه وفي حياته.

لأجل هذا أيها الشباب! ليست الرجولة في سيجارة.

إن أحد الشباب من مدة، وهو من طلاب الكلية للأسف، وجدت معه سيجارةً ومعه مذكراته وكتبه، فناديته في حرم الكلية إلى هذه الدرجة! يعني: بلغ به الذلة والهوان للسيجارة أنه لم يستطع أن يصبر، بمجرد الخروج من القاعة ولع سيجارته يدخن، قلت له: تعال؛ اسمك؟ فلان الفلاني، قلت له: يا أخي! أنا أرى عليك سمات الشاب الرجل الممتلئ رجولةً ما أرى فيك نقصاً تكمله بسيجارة! هل ترى نفسك ناقصاً حتى تكمل نفسك بسيجارة؟ قال: لا.

توجد مشكلة داخلية في النفس، اسمها عقدة النقص، عقدة النقص، فبعضهم يكملها بالسيجارة، وبعضهم يكملها بالتفحيط، وبعضهم يكملها بالظهور أمام الناس والمباهاة بسيارته وما عنده، وبعضهم يكملها بتصرفاتٍ عجيبةٍ وغريبة، وما ذاك إلا لهذه العقد الموجودة الكامنة في هذه النفس، إن الرجل رجل، ولا يحتاج إلى مثل هذه وأسخط من ذلك بعض الشباب تلقاه لم يدخن حتى سيجارتين أو ثلاث سجائر! ومخرج رجله وليست يده من زجاج السيارة! يعني: انظروا أنا أصبحت رجلاً أدخن، ولو تلتفت تقول له: يا أخي الشاب! يا أخي الحبيب! إن شاء الله أنت شكلك فيك خير، ولا يليق بك التدخين؛ قال: لا أقدر أن أقلع عنه، هل له خمسون سنة خبرة تدخين؟! له يومان لقي سيجارة تحت جدار، وبدأ بحبتين أو ثلاث أو أربع أو لم يدخن باكتاً ثم باكتين، ثم يدعي أنه رجل؛ والله لا أقدر أن أقلع عنه، هذه رجولة أنك ذليل أسير! هذه رجولة أنك لا تستطيع أن تجعل في جوفك إلا الخبيث! كذلك الملاهي وأشكالها وأصنافها وألوانها تأتي لبعض الشباب.

يا شاب! عقلك كالزجاجة الصافية البيضاء البلورية الألماسية، لماذا تملأ عقلك بالأوساخ والزبالات والخرافات والأمور التي لا تليق؟! فيكم -بإذن الله- من الفطنة والفهم والإدراك ما يغني عن مزيدٍ من التفصيل، لكنها نصيحة، لأننا رأينا شباباً لما زرنا سجون الأحداث، وزرنا بعض زنازين السجون، وبعض عنابر السجون، وجدنا شباباً في أعماركم، في مقتبل العمر، قد تفتحت ورود وزهور شبابهم، ولكنها تفتحت على جليسٍ سيء، فقادهم إلى السجن، أنت تستطيع أن تحدد المستقبل من هذه اللحظة، ومن هذه البداية بقرارٍ صامد، بقرارٍ جزل قوي، وعهد صادق، ألا تنكث مع الله توبة، وإن زلت بك القدم، فعد وتب إلى الله عز وجل، وإذا أذنبت فلا تقل: خربت، دعني أخرب الباقي! افرض أن بعض الشباب وقع في ذنب -دخن مثلاً- يقول: ما دام دخنت ألحق بعدها الفاحشة، وألحق بعدها المخدرات، لا.

إذا وقعت في ذنب، فتب إلى الله عز وجل وجاهد نفسك بالإقلاع عن الذنب، حتى لو وقعت فيه مرةً ثانية، جاهد نفسك بالإقلاع ولا تجعل هذا مبرراً للمزيد من الذنوب والمعاصي، وأقم الصلاة كما قال الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:١١٤].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله على محمد.