للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النساء وخروجهن الأسواق لغير حاجة]

الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، الحمد لله حمداً يرضي ربنا، الحمد لله حمداً ملء السماء وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، وكلنا لربنا عبد، جل عن الشبيه والمثيل والند والنظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.

معاشر المسلمين! لا شك أن ضعف الإيمان في قلوبنا، لاشك أن تقاعسنا عن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة العلم الشرعي، وسوء التربية والتوجيه من الأمور التي أورثت نوعاً من هذا الجيل يجوب الأسواق والطرقات غاديات رائحات، لا مهمة لهن إلا الفتنة والبلاء، ومن أراد أن يتأكد من هذا فليقف في السوق لحظة ليتأكد أن جميع من في هذا السوق ما جاءوا لقضاء حاجة وإنما النسبة القليلة التي جاءت لقضاء شيء من حاجاتهن أو حوائجهم، والكثير منهن لو دقق الإنسان النظر لوجد أنهن يجبن السوق غاديات رائحات، ولكن الإنسان إذا دخل السوق لحاجة فهو تراه يمشي مسرعاً لقضاء حاجته وللخروج من هذا المكان الذي هو أبغض البقاع عند الله، فيظن أن الناس مثله في قضاء حوائجهم، وفي نفس المقصد في الإتيان إلى هذا المكان، والواقع خلاف ذلك، ومن اتصل أو جالس رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو أخذ حديثاً من رجال الأمن لعرف أن كثيراً من المصائب تدبر وتحاك، ويكون موقع العمليات فيها هي الحوانيت، فإن لم تكن فموقع التخطيط والمؤامرة، إن ذلك لا يكون عبثاً، وإنما هو أمر مدبر، ومصيبة تحاك، نسأل الله جل وعلا أن يرينا فيمن يدبرون لهذا المجتمع عجائب قدرته، وأن يفضحهم على رءوس الخلائق أجمعين.

معاشر الأحباب: ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس، وقالت عائشة: أما لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النساء أو رأى من النساء ما رأينا -تقوله عائشة في زمانها- لمنعهن المساجد) فتأملوا هذا الحديث وانظروا عظم الفارق بين ذلك وزماننا هذا نسأل الله جل وعلا أن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

عباد الله: إن للمجلات الخليعة والأفلام الماجنة لدوراً عظيماً في حث تلك الفتيات إلى أن يجبن الأسواق غاديات رائحات، ومتى عرفنا النساء يتوسطن الشارع ويزاحمن الرجال بأكتافهن؟! ومتى رأينا النساء يرفعن أصواتهن في مجامع الرجال إلا يوم أن انتشر هذا البلاء، ونحن الآن في نعمة عظيمة مع عظم هذه النعم ومع انتشار هذه المنكرات في الجانب المقابل نسأل الله ألا يكون ذلك استدراجاً ونسأل الله ألا يعذبنا بذنوب غيرنا: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال:٢٥].