للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غفلة الناس عن آيات الله]

إن الناس ليعلمون بحدوثه ومع ذلك لا يهتمون ولا يلتفتون، وإن الناس ليرون وقوعه ومع ذلك تجد أكثرهم غافلين، فأين التأثر؟ وأين الخوف والوجل؟.

كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى آية من آيات الله تغير لونه واصفر وجهه، وكان يقول: (اللهم سلم سلم) فأين العباد الذين يتجهون إلى بيوت ربهم ليصلوا وليدعوا حتى ينجلي ما بهم؟ إن الناس لفي غفلةٍ عظيمة، وأعظم دليلٍ على ذلك أنكم ترون الكسوف والخسوف ومع ذلك تجد أكثرهم أمام الشاشات، والملهيات، والطرب، والأغاني، والموسيقى، واللهو والمزاح، والضحك لا يلتفتون إلى آية من آيات الله جل وعلا فأي غفلةٍ بعد هذه، والله جل وعلا يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} [السجدة:٢٢].

هذه آية من آيات الله لو حدثت فهي تذكير، والآيات غيرها كثيرة: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} [السجدة:٢٢] ويقول جل وعلا: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} [الكهف:٥٧] لم يدر أن هذه الآية جاءت تخويفاً له فيما أحدثه من نظرات وخطراتٍ وربا وخروجٍ وتكشفٍ وسفورٍ وتبرجٍ وسبابٍ وشتيمةٍ وغيبةٍ في المجالس ونميمة، وغير ذلك من الفواحش والمعاصي، وغير ذلك من الآثام والذنوب ومع ذلك هم معرضون: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً} [الكهف:٥٧] لن يهتدوا إذاً أبداً، أولئك الغافلون عن آيات الله متى يلتفتون إلى العبادة؟ متى يدعون ويتضرعون؟ إذا حصلت الآية ولم يتضرعوا ولم يخشوا ولم يهابوا، إذا لم يهابوا في أوقات الشدة فمتى يلجئون إلى الله؟! أفي أوقات الغفلة والمرح والسرور، إن الذي غفل في أوقات الشدائد لغافلٌ في غيرها من الأوقات.

أسأل الله جل وعلا أن يمنّ علينا وعليكم بالذكرى والموعظة والعبرة، ألا وإن حدوث الغفلة هذه لآية عظيمة على ضعف الإيمان في القلوب ولكن نسأل الله جل وعلا أن يوقظنا من نومة الغافلين، ونسأله تعالى أن يمنّ علينا بتوبة إنه هو أرحم الراحمين.