للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضوابط قوة الإرادة]

السؤال

إلى فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فسؤالي هو: قوة الإرادة وضبط النفس لها شروط وأمور معينة نحو عقيدتنا الإسلامية السمحاء فما هي؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.

الجواب

لاشك أن الإرادة مطلوبة، والقوة في الإرادة مطلوبة، فمن الناس من إرادته لا تستطيع أن تقاوم الوسادة، يسمع المؤذن يؤذن، عنده إرادة أن يصلي، لكن الوسادة الناعمة تهزمه، وإرادته أحقر وأضعف وأقل من أن ينتصر على وسادته، فتجده يفوت الصلاة مع الجماعة.

من الناس من عنده إرادة ألا يقع في منكر أو معصية، أنا أعرف كل واحد منكم الآن، وفيكم خير كثير على ما يحصل من الأخطاء والأغلاط، لكن قد يفكر يقول: توبة وعودة إلى الله، لا أعود أسمع هذا الغناء وهذا اللهو، أريد أن أكون رجلاً، أن يكون غاية اهتمامي الرجولة وما يحفظه التاريخ وتسجله الأمم، فتجد معه شريط محاضرة، ولكن ما زال في الدرج شريط أغاني، وتبدأ الإرادة في اضطراب: أضع هذا الشريط أو لا، أضع هذا الشريط أو لا.

عنده إرادة، لكن هناك شريط ربما هذا الشريط يغلب إرادته، ولذلك يا شباب يقول الله جل وعلا: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة:٩٣] في تأديب لنفسك وفي توجيه نفسك نحو الخير لا بد أن تكون إرادتك قوية.

أما أن تكون إرادة ضعيفة فهذا أمر تهزم فيه عند أول مواجهة.

ثانياً: هناك شاب ملتزم ومستقيم وصالح وطيب، ولكن عنده إرادة قوية أكبر من كذا، يعني: هل إرادتك القوية في التزامك وإصلاح نفسك؟ وعندك إرادة -أيضاً- في إصلاح المجتمع، هل يعقل أن تقول: والله أنا ملتزم وعندي إرادة قوية؟ هل أقول: بإرادتي هذه أذهب وأكسر لوحة محل فيديو أو أكسر زجاج فيديو وأقول هذه إرادة؟ لا، أنا من واجبي أن أسعى حتى يزال هذا المحل من المجتمع؛ لأن هذا محل يبيع أفخاذ النساء، صور العاريات، الرقص، مصارعة نساء، وهلم جرا.

طيب هل هذه الأفلام تخرج مجاهدين؟ هل تخرج كمندوز أو مظليين أو برمائيين أو ضفادع بشرية أو كاشفي ألغام؟ لا تخرج شيئاً أبداً، إذاً من واجبي إذا كان عندي إرادة أن أعرف أن هذا المحل محل خطر على المجتمع، لكن هل إرادتي أن أكسره؟ لا، إرادتي أترجمها بعقل، العاطفة حينما توضع في العقل تنتج الحكمة، وحينما توضع العاطفة في الأرجل والجوارح عامة تنتج التهور، فلابد أن أجعل هذه العاطفة في العقل وأجعل الجوارح تطبق الحكمة.

عاطفتي وإرادتي أن أذهب إلى صاحب المحل: أخي العزيز أنت مسلم، وفيك خير عظيم مهما وقعت في المعاصي، وما أظنك ترضى أنك تأتي يوم القيامة وتحمل أوزار الناس جميعاً: (من دعا إلى هدى فله أجره وأجر من عمل به، ومن دعا إلى وزر أو ضلالة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها) أي أنه لو كان عندي محل فيديو وقد بعت عشرة أفلام، وضل بسببها عشرة من الشباب، فأنا يوم القيامة محاسب على هذا الحرام الذي بعته، وأحاسب على الذين ضلوا بسببي؛ لأنني أنا الذي وصلت لهم الشريط وبعته لهم.

فأناقشه بالعقل وأقول له: يا أخي الكريم المجتمع الآن بحاجة إلى صناعات أو بحاجة إلى أفلام؟ المجتمع بحاجة إلى أمور تعين التنمية، وتجعل التنمية تمشي خطوات إلى الأمام أو بحاجة إلى شباب لا يعرفون إلا النوم والكسل والجلوس عند الأفلام؟ فهذه الإرادة تكون منضبطة.